للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والعسكر [ل] لسّلطان الملك المنصور أبي بكر ابن الناصر محمد، فلم تطل أيّامه وخلعه الأمير قوصون، وأقام عوضه السلطان الملك الأشرف كجك ابن الناصر محمد، وقصد أن يقبض أيضا على الناصر أحمد بالكرك، وبعث إليه تجريدة مع الأمير قطلوبغا الفخريّ، وأخرج بقيّة أولاد السلطان الملك الناصر محمد من قلعة الجبل إلى قوص. فغضب لذلك الأمير طشتمر نائب حلب وبعث يعيبه على ذلك و [أ] نكر على الأمير بيبرس الأحمديّ موافقة قوصون على هذا. فقبض قوصون على مملوك نائب حلب (١)، وكتب إلى الطنبغا يحذّره من موافقة نائب حلب ويستميلة إليه. وسيّر له إنعاما سنيّا ووعده عدّة مواعيد.

فمال إليه وصار من حزبه.

هذا وقد اتّفق الأمير قطلوبغا الفخريّ مع الناصر أحمد بالكرك على سلطنته، ووافقه طتشمر نائب حلب وغيره من الأمراء. فأخذ الطنبغا يحترسعلى الطرقات، وكتب يعرّف الأمير قوصون بذلك كلّه. فكتب إليه أن يتوجّه إلى حلب ويقبض على طشتمر نائبها، وكتب [٢٢١ ب] إلى نوّاب صفد وحمص وحماة وطرابلس بالمسير معه، وبعث إليهم بالتشاريف والخلع والنفقات.

فسار في يوم الجمعة [ ... ] جمادى الآخرة، وقد اشتدّ المطر، والناس يدعون عليه أن لا يسلّمه الله! - فإنّ العامّة كانت تكرهه وتسبّه في وجهه وتدعو عليه. فنشب سنان شطفته (٢) من خلفه في سقيفة [ف] انكسر فتفاءلوا عليه بالشؤم.

ومضى فلقيه أرقطاي نائب طرابلس على حمص. وكتب إلى طقزدمر نائب حماة أن يتلقّاه،

فاعتذر بوجع رجله- وكان قد مال مع الناصر أحمد، وبلغهم عنه ذلك. فبعث إليه الطنبغا من حلّفه أنّه باق على طاعة الأشرف كجك، ومضى إلى حلب. فورد عليه الخبر في سلميّة بفرار طشتمر من حلب يريد بلاد الشرق حتى نزل أبلستين وتوجّه إلى قيصريّة (٣). فدخل الطنبغا حلب بغير مانع. وكتب يعرّف قوصون فرار طشتمر. وأخرج أمواله وباع موجوده.

فأتاه الخبر بأنّ الأمير قطلوبغا الفخريّ قد سلطن الناصر أحمد بالكرك وسار من عنده إلى دمشق، وقد مال معه آقسنقر السلّاريّ نائب غزّة وأصلم نائب صفد وطقزدمر نائب حماة، واستخدم بدمشق الأجناد وجمع الأموال من الناس وخرج إلى خان لاجين. فكتب يعرّف قوصون بذلك. فجرّد [قوصون] من أمراء مصر برسبغا الحاجب وأمير محمود الحاجب في جماعة، وساروا في أخريات رجب إلى غزّة. فسار آقسنقر منها إلى قطلوبغا الفخريّ بدمشق. فسار من حلب إلى حمص وحلّف من معه. ثم سار حتى وصل خان لاجين ظاهر دمشق ومعه عشرة آلاف فارس.

وقد برز إليه قطلوبغا الفخريّ في ثلاثة آلاف فارس. فتردّدت الرسل بينهما ثلاثة أيّام بلياليها فلم يرجع أحد منهما إلى صاحبه، ووقف مع غرضه: الطنبغا في نصرة قوصون، والفخريّ في نصرة الناصر أحمد حتى ضجرت العساكر. ثم ركب الطنبغا بكرة نهار [ ... ] (٤) بمن معه ليحمل على الفخريّ، فمال من معه إلى جهة الفخريّ


(١) نائب حلب: هو طشتمر حمّص أخضر، النجوم ١٠/ ٣١.
(٢) الشطفة: الراية.
(٣) أبلستين: مدينة ببلاد الروم (الأناضول) قرب أبسس مدينة أهل الكهف (ياقوت). قيصرية: مدينة كبيرة بآسيا الصغرى (الأناضول).
(٤) في السلوك ٢/ ٥٨٥: من الغد، دون تدقيق، ولا ذكر لليوم في النجوم ١٠/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>