وروى أيمن عن أبيه وعمّه. وروى عنه الشعبيّ. وهو شاميّ نزل الكوفة. وقدم مصر مع مروان بن الحكم سنة خمس وستّين، واستعان به على ولده عبد العزيز بن مروان حين كره الإقامة بمصر. وكان شاعرا محسنا.
قال الشعبيّ: أرسل مروان إلى أيمن بن خريم يوم المرج يوم قتل الضحّاك بن قيس الفهريّ: ألا تخرج تقاتل معنا؟ ألا تتبعنا على ما نحن فيه؟
فقال: إنّ أبي وعمّي شهدا بدرا، وإنّهما عهدا إليّ ألّا أقاتل رجلا يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله. فإن جئتني ببراءة من النار فأنا معك.
فقال: لا حاجة لنا بمعونتك.
فخرج وهو يقول [وافر]:
ولست مقاتلا رجلا يصلّي ... على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعليّ إثمي ... معاذ الله من سفه وطيش
أأقتل مسلما في غير جرم ... فلست بنافع ما عشت عيشي
وقال الدارقطني: قد روى أيمن بن خريم عن النبي صلّى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البرّ: وأمّا أنا فما وجدت له رواية إلّا عن أبيه وعمّه.
وقال أبو الفرج الأصبهانيّ: وكان أيمن يتشيّع.
وكان أبوه أحد من اعتزل حرب الجمل وصفّين وما بعدهما من الأحداث فلم يحضرها. وقال مجالد:
كان [٢٦٠ ب] عبد الملك بن مروان شديد الشغف بالنساء. فلمّا أسنّ وضعف عن الجماع ازداد غرامه بهنّ. فدخل عليه أيمن بن خريم فقال له:
كيف أنت يا أيمن؟
قال: بخير يا أمير المؤمنين.
قال: كيف قوّتك؟
قال: كما أحبّ ولله الحمد: إنّي لآكل الجذعة من الضأن بالصاع من البرّ، وأشرب العسّ المملوء أعبّه عبّا، وأرتحل البعير الصعب فأنضيه، وأركب المهر الأرن (١) فأذلّله، وأفترع العذراء لا يقعدني عنها الكبر ولا يمنعني منها إلّا السحر، لا يرويني الغمر ولا ينقضي منّي الوطر.
فغاظ عبد الملك قوله وحسده. فمنعه العطاء وحجبه وقصده بما يكره حتى أثّر ذلك في حاله.
فقالت له امرأته: ويحك! اصدقني عن حالك! فهل لك جرم؟
قال: لا والله.
قالت: فأيّ شيء دار بينك وبين أمير المؤمنين آخر ما لقيته؟
فأخبرها. فقالت: إنّا لله، ها هنا أتيت! أنا أحتال لك في ذلك حتى أزيل ما جرى عليك، فقد حسدك الرجل على ما وصفت به نفسك.
فتهيّأت ولبست ثيابها ودخلت على عاتكة بنت يزيد بن معاوية امرأة عبد الملك فقالت: أسألك أن تستعدي لي أمير المؤمنين على زوجي.
قالت: وما له؟
قالت: ما أدري أنا مع رجل أو مع حائط، وإنّ له لسنين ما يعرف فراشي. فاسأليه أن يفرّق بيني وبينه.
فخرجت عاتكة إلى عبد الملك فذكرت له ذلك وسألته في أمرها. فوجّه إلى أيمن فأحضره وسأله عمّا شكت امرأته. فاعترف بذلك. فقال له: أو لمأسألك عام أوّل عن حالك، فوصفت لي كيت وكيت؟
(١) الأرن من المركوب: الفاره النشيط الجامح.