للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقال: يا أمير المؤمنين، إنّ الرجل ليتجمّل عند سلطانه، ويتجلّد عند أعدائه بأكثر ممّا وصفت نفسي به، وإنّي القائل [متقارب]:

لقيت من الغانيات العجابا ... لو ادرك منّي النساء الشبابا

يرى الشيب جمع النساء الحسان ... عناء شديدا إذا المرء شابا (١)

ولو كلت بالمدّ للغانيات ... وضاعفت فوق القياب الثيابا

إذا لم تنلهنّ من ذاك ذاك ... نعينك عند الكبير الكذابا (٢)

يذدن بكلّ عصا ذائد ... ويصبحن كلّ غداة صعابا

إذا لم يخالطن كلّ الخلا ... ط أصبحن مخرنطمات غضابا [٢٣٩ أ]

علام يكحّلن حور العيون ... ويحدثن بعد الخضاب الخضابا

ويعركن بالمسك أجيادهنّ ... ويدنين عند الحجاب العيابا

ويبرقن إلّا لما تعلمون ... فلا تمنعنّ النساء الضّرابا (٣)!

فجعل عبد الملك يضحك من قوله، ثم قال:

أولى لك يا ابن خريم! لقد لقيت منهنّ ترحا. فما ترى أن نصنع بينك وبينها؟

قال: نستأجلها إلى أجل العنّين، وأداريها لعلّي أستطيع إمساكها.

قال: أفعل ذلك.

ففعل وردّها إليه. وأمر له بما فات من عطائه وعاد إلى برّه وتقريبه.

وقال ابن قتيبة: قال له عبد الملك لمّا أنشده هذا الشعر: ما وصف النساء أحد بمثل هذا، ولا عرفهنّ أحد معرفتك.

فقال له: لئن كنت صدقت، لقد صدق الذي يقول- وهو علقمة بن عبدة-[طويل]:

فإن تسألوني بالنساء فإنّني ... خبير بأدواء النساء طبيب

إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله ... فليس له في ودّهنّ نصيب

يردن ثراء المال حيث علمنه ... وشرخ الشباب عندهنّ عجيب

وقال أيمن في شبيب ومحاربته الحجّاج بن يوسف، من أبيات [متقارب]:

أبي الجبناء من اهل العراق ... على الله في الحرب إلّا قسوطا

يقتّلهم مائتا فارس ... من السافكين الدماء العبيطا

وخمسون من مارقات النسا ... ء يجررن للمنديات المروطا

وخيل غزالة تنتابهم ... تحوز العراق وتجبي النبيطا

تكرّ وتحجر فرسانهم ... كما أجحر الحيّة العضرفوطا (٤)

قد آذى الخليفة ما يصنعون ... ومستنصر الأمّة المستشيطا


(١) في الهامش شروح وتصويبات: الغانية، المتزوّجة، وقيل: الشابّة. وصدر البيت: ولكنّ جمع النساء الحسان. وهي رواية الأغاني ٢٠/ ٢٧٠.
(٢) في الأغاني: جحدنك عند الأمير الكتابا.
(٣) في الأغاني: فلا تحرموا الغانيات الضرابا.
(٤) العضرفوت: في اللسان: دويبة بيضاء ناعمة، وزاد الجاحظ (الحيوان ٦/ ٣١٩): صغيرة ضعيفة، والحيّات تأكلها. وفي المخطوط كتب المقريزي: العرّفوطا، ولم نجدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>