للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأربعمائة، فتسلّمها ومعه الشريف القاضي ثقة الدولة ذو الجلالين [٢٤٢ ب] أبو الحسن يحيى بن زيد الحسينيّ الزيديّ ناظرا في الأعمال (١).

وأقام بها إلى أن خرج منها كالهارب من أهلها في ليلة الثلاثاء لأربع عشرة خلت من شهر رجب سنة ستّ وخمسين.

ثمّ وليها ثانيا يوم الأحد السادس من شعبان سنة ثمان وخمسين، فأقام بها إلى أن بلغه قتل ولده بعسقلان. فخرج منها ونزل على مسجد القدم (٢) خارج دمشق في شهر رمضان سنة ستّين وأربعمائة. فخرج الأحداث والعسكريّة إلى قصره وأحرقوه.

وفي سنة اثنتين وستّين نزل على صور وحاصر القاضي عين الدولة أبا الحسن محمد بن عبد الله ابن عياض بن أبي عقيل الغالب عليها. ثمّ حصره في سنة ثلاث وستّين. وتتابع وصول الأتراك من العراق إلى أعمال فلسطين والساحل وبلاد الشام مع أتسز بن أوق الخوارزميّ وإخوته جاولي والمأمون وقرلو وشكليّ، وأخذوا أعمال فلسطين واختلفوا هناك. فصار بعضهم مع أمير الجيوش بدر بعكّا وبلاد الساحل التي هي في يده، وبعضهم مع القاضي عين الدولة محمد بن [عبد الله بن عياض بن] أبي عقيل صاحب صور. وبقي أتسز ابن أوق الخوارزميّ وأخوه بفلسطين، واستولى على الرملة وطبريّة والقدس. فلم يزل أمير الجيوش بعكّا إلى أن انتهكت حرمة المستنصر بتغلّب ناصر الدولة الحسين بن حمدان إلى أن

قتل. فاستطال عليه الأمير يلدكوش والأتراك والوزير ابن أبي كدينة. فكتب إلى أمير الجيوش كتابا من إملاء الوزير أبي الفرج محمد بن جعفر ابن المغربيّ، وهو يومئذ يتولّى الإنشاء، يستدعيه للقدوم عليه وإنجاده، من جملته [الطويل]:

فإن كنت مأكولا فكن خير آكل ... وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق (٣)

فلمّا بلغه الكتاب قال: لبّيك! - وكرّرها ثلاثا.

وكتب إلى المستنصر يشترط عليه أنّه لا يقدم إلّا بعسكر معه، وأنّه لا يبقي على أحد من عساكر مصر. فأنعم له بذلك.

فسار من عكّا في مائة مركب مشحونة بالأرمن، وغيرهم من العسكر. فنهاه الناس عن ركوب البحر من أجل أنّ الوقت شتاء في كانون الأوّل، فأبى. ونزل على دمياط بعد [أربعين يوما] من إقلاعه. فزعم البحريّة أنّهم لم يعرفوا صحوة تمادت أربعين يوما في الكوانين إلّا هذه، فكان هذا الأمر بدء سعادته.

واستدعى تجّار تنيس واقترض منهم مالا، وقام له (٤) سليمان اللواتي بالعليق وغيره من الضيافة.

وسار إلى ظاهر قليوب، وبعث إلى المستنصر يقول له: لا أدخل إلى القاهرة ما لم تقبض على يلدكوش- فأمسكه. وعبر أمير الجيوش عشيّة يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ستّ وستّين وأربعمائة، ودخل على المستنصر، فاستدناه وقرّبه ودعا له وشكر سعيه وبالغ في كرامته. وقرّر أن يكون السفير بينه وبين أمير الجيوش الوزير ابن المغربيّ كاتب الإنشاء، فصار


(١) ابن القلانسيّ: ذيل ٩٢، اتّعاظ ٢/ ٢٦٨، الوافي ١٠/ ٩٥ (٤٥٤٥).
(٢) مسجد القدم يقع في حيّ القدم من دمشق وينسب إلى أثر قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلم في حجر هناك (دائرة المعارف ٤/ ٣٨٣ ب).
(٣) البيت للممزّق العبديّ (الأصمعيّات ١٦٦) وقد استشهد به عثمان رضي الله عنه محاصرا حين استنجد بعليّ رضي الله عنه.
(٤) في المخطوط: وأقام. وانظر الاتّعاظ ٢/ ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>