للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقام وهو يقول [الوافر]:

متى آت الأراقم لا يضرني ... نبيب الأسعديّ وما يقول

فإن تمنع سدوس درهميها ... فإنّ الريح طيّبة قبول

وإنّ بني أميّة ألبستني ... ظلال كرامة ليست نزول

سيحملها أبو مروان بشر ... فذاك لكلّ مثقلة حمول

ويكفيني الذي استكفيت منها ... بفعل لا يمنّ ولا يحول (١)

ولها تتمّة. ثم أتى بشرا فأنشده شعره وأخبره بما لقي. فقال: وكم حمالتك؟

قال: خمسون ألفا.

فأمر بها وقال: أنا أحقّ برفدك من بني سدوس وبني أسعد. فقال يمدحه [الطويل]:

لعمري لقد أمست معدّ وأصبحت ... تحبّك يا بشر بن مروان كلّها

أراها إذا ما زادك الله رفعة ... كثيرا بها مسرورها ومهلّها

تمنّى ويرجو أن تكون خليفة ... ويرجوك للدنيا وللدين جلّها

فإن أشرفت يوما على هول غمرة ... مخوف رداها من بعيد مزلّها

٥ فأنت الذي تقتاد منها لأهلها ... وأنت إذا ما اقتدتها لا تضلّها

حياتك ما دامت لها العزّ والغنا ... وملكك يحيي سلكها ويثلّها

يعمّ عليهم من جزيل ببسطة ... يعيش بها ذو وفرها ومقلّها

يراها الجواد البحر منك رغيبة ... وأنت إذا أعطيتها تستقلّها

وأمر بشر سراقة البارقي بهجاء جرير فهجاه، فقال جرير [الكامل]:

يا بشر، حقّ لوجهك التبشير ... أهجى بلا ذنب وأنت أمير

قد كان حقّا أن تقول لبارق ... يا آل بارق فيم سبّ جرير؟

لا يدخلنّ عليك إنّ دخولهم ... نحس وإنّ خروجهم تطهير

ولمّا قدم بشر استبطأ الفرزدق في إتيانه بالكوفة، فاعتذر إليه من ذلك، فقال [البسيط] (٢):

لو أنّني كنت ذا نفسين إن هلكت ... إحداهما بقيت أخرى لمن غبرا

إذا لجئت على ما كان من وجل ... وما رأيت حذارا يغلب القدرا [٢٥٠ ب]

كلّ امرئ آمن للخوف أمّنه ... بشر بن مروان، والمذعور من ذعرا

تغدو الرياح فتمسي وهي فاترة ... وأنت ذو نائل يمسي وما فترا

في أبيات.

فأكرمه وحباه وحمله على فرس عتيق وأمر خازنه أن لا يمنعه شيئا. فكان الفرزدق لا يكون في قومه حمالة إلا احتملها وأدّاها عنه بشر حتى قيل إنّه كان ينادمه على شرابه.

وقال آخر (٣) يذكر سهولة حجاب بشر


(١) البيت الأخير مفقود من الديوان.
(٢) ديوان الفرزدق نشر الصاوي ١/ ٢٨٩.
(٣) هو الحكم بن عبدل الأسدي. البيان والتبيين ٣/ ٣١٠؛ عيون الأخبار ١/ ٨٨، البخلاء، ٢٢٦. وفي تاريخ دمشق ١٠/ ١١٣ الأبيات لأيمن بن خريم والطمطم العبد غير الفصيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>