للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيهم، فاحتاجوا إلى تجهيز أنفسهم، وعاقدوا على كل جمل إلى مكّة بمائة وستّين درهما، وإلى ينبع بمائة وثلاثين، واحتاج كلّ منهم إلى أربعة جمال.

وكتبت تذكرة لبيبرس بما يفعله ورسم له أن لا يخرج عمّا فيها، وخلع عليه وعلى الأمراء.

ورحل طينال في يوم الثلاثاء عاشر ربيع الآخر، ومعه من أمراء الطبلخاناه ططر العقيقيّ، وكوكاي طاز، وعليّ بن طغريل الإيغانيّ، وأيبك الكوندكيّ، وجارباش أمير علم. ومن أمراء العشرات بلبان الدواداري، وطرنطاي الإسماعيلي والي باب القلّة (١) [٢٦٨ أ] في عدّة من المماليك وأجناد الحلقة. ثمّ تبعه الأمير بيبرس مقدّم العسكر ومعه من أمراء الطبلخاناه آقول الحاجب، وقجمار [الجوكندار]، وبلبان الصرخديّ، وبكتمر العلائيّ أستادار، والجاي الحساميّ الساقي، ومن أمراء العشرات أيدمر الكوندكيّ، وإبراهيم بن التركماني في عدّة من المماليك والأجناد. ورحلوا في حادي عشره، وقد حمل إلى بيبرس مبلغ خمسين ألف درهم مرصدة لمن عساه يموت فرسه في الطريق فينعم عليه بأربعمائة درهم، فإن مات جمله أعطي ثلاثمائة درهم. وحمل برسمهم من منفلوط في البحر أربعة آلاف إردبّ قمحا وشعيرا لتفرّق فيهم نجدة.

فساروا إلى مكّة وارتفقوا بما حمل في البحر، وساروا، ومعهم الشريف عطيفة، والشريف رميثة، ابنا أبي نمي بعرب الحجاز، وقدّموا كافور [ا] الشبيليّ (٢) خادم صاحب اليمن بين يديهم ليخبره بقدوم العسكر في خامس جمادى الآخرة. فقدموا على بني يعقوب بعد اثني عشر

يوما وقد رعبت منهم أهل البلاد. فلم يتعرّضوا لأحد بسوء. ورحلوا بعد ثالثه في العشرين منه، حتى نزلوا على حرض. ورحلوا في أوّل شهر رجب، فقدم الخبر بأنّ المجاهد قوي أمره عند ما اشتهر في البلاد خبر مجيء عسكر مصر، وقد اتّفق أهل زبيد على أخذ بهادر الصقريّ وركبوا عليه.

ففرّ منهم ونهبت أمواله وتسلّمها المجاهد. فتقدّم إليه من العسكر عبد الله البريديّ، ثم الأمير عزّ الدين الكوندكيّ، فسرّ بهم واعتذر إليهم من تأخّر الإقامات عن العسكر بما هو فيه. فوافى العسكر ظاهر زبيد، وخرج المجاهد إلى لقائهم في زيّ يضحك منه، وأكثر من حوله عراة مشاة بيد كلّ منهم جريدة أو خشبة [٢٧١ أ] فيها خرقة بها رنك (٣) السلطان، ومعه فرسان بيد كلّ منهم فرس يقوده وقد جلّله من فوق السرج، وفيهم من يركب البغال بسراويلات ودراريع، وقد شدّوا سيوفهم فوق دراريعهم. والمجاهد في بني عمّه عليه عمامة فوقها عصابة ملوّنة بأطراف مخيش وبنو عمّه بهذه الهيئة. فدهش عند ما رأى العسكر وقصد أن يترجّل عن فرسه. فتقدّم إليه آقول الحاجب ومنعه حتى قرب العسكر منه [ف] ألقى نفسه ومنمعه إلى الأرض، فترجّل له أيضا الأمير بيبرس والأمير طينال، وأركباه وسارا به في الموكب وهما بجانبيه إلى الخيمة. وأنزلاه وقدّما له التشريف السلطان [يّ] المحمول باسمه من مصر بالكلفتاة الزركش والحياصة الذهب. فألبساه وأركباه وركبا بالعسكر في خدمته إلى زبيد، وقد عمل لهم سماطا ليس بذاك، فلم يتقدّم أحد ولا أكل منه (٤).

واعتذر إليه الأمير بيبرس بأنّ هذا لا يكفي


(١) باب القلّة هو أحد أبواب قلعة الجبل.
(٢) في المخطوط: الشليليّ، والإصلاح من السلوك ٢/ ٢٦٥.
(٣) الرّنك هو الشعار يرسم على الرايات والأعلام والسلاح.
(٤) زاد في السلوك ٢/ ٢٦٦: « ... خوفا من أن يكون فيه ما يخاف عاقبته».

<<  <  ج: ص:  >  >>