للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأقحوانة على الأردنّ في محاربته العرب في ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة. فاقتسم من بعده حلب ابناه: معزّ الدولة هذا- وأخذ القلعة- وأقام أخوه شبل الدولة نصر في المدينة.

ثمّ إنّ معزّ الدولة جرى بينه وبين زوجته كلام، فغضبت عليه وخرجت إلى الحلّة بظاهر حلب.

فأمر أن تصاغ لها لألكة (١) من ذهب مرصّعة بالجوهر. فلمّا تهيّأت أخذها في كمّه وخرج إلى زوجته. فبادر أخوه نصر وركب وأخذ القلعة، وقال: إنّ من قدّم أخي عليّ فقد أساء، لأنّي أولى بمداراة الرجال، وهو أولى بمداراة النساء.

وانفرد نصر بن صالح بأمر قلعة حلب والمدينة، وجعل لأخيه ثمال بالس والرحبة، وذلك في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة.

فاستمرّ نصر في ملك حلب إلى أن قتله الدزبريّ في نصف شعبان سنة تسع وعشرين، وملك حلب من بعده. فلمّا مات في النصف من جمادى الأولى (٢) سنة ثلاث وثلاثين، قدم معزّ الدولة بتوقيع سيّره إليه أمير المؤمنين المستنصر بالله أبو تميم معدّ ابن الظاهر، بولاية حلب.

فتسلّم البلد لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة [سنة ٤٣٣]. وكان الوزير بمصر يومئذ عليّ بن أحمد الجرجرائيّ، فقرّر عليه في كلّ سنة مالا يحمله.

فلمّا صارت الوزارة إلى الوزير صدقة بن يوسف الفلاحيّ، ثمّ وزارة أبي البركات الحسن بن محمد الجرجرائيّ، تأخّر الحمل سنتين (٣) بأربعين ألف دينار، فسيّر إليه الأمير ناصر الدولة أبا محمد

الحسن بن الحسين بن الحسن بن حمدان، متولّي دمشق بعد الدزبريّ. فوصل إلى حلب ورجع عنها إلى دمشق من غير أن يقدر على ثمال. فنقم عليه ذلك وقبضه الأمير منير الدولة.

ثمّ إنّ معزّ الدولة بعث إلى المستنصر بالقسط على يد شيخ الدولة علي بن أحمد بن الأيسر، وسيّر معه زوجته ابنة (٤) الأمير وثّاب السيّدة علويّة بنت وثّاب، ومعها من القلعة أربعون ألف دينار وهدايا فاخرة. فأكرمها المستنصر وكتب لمعزّ الدولة بحلب وأعمالها، وسيّر إليه بتشريف ولجميع بني عمّه.

ولمّا اندفع الأمير أبو الحارث أرسلان البساسيريّ من بغداد إلى [٣٤٩ ب] الشام في سنة سبع وأربعين منهزما من طغرل بك وحصل في أرض الرحبة، وقد وصل في قلّ من الرجال، لقيه ثمال وأكرمه وحمل إليه مالا عظيما. فقيل عن البساسيريّ إنّه لم ير مثله في الشجاعة والمكر. وكان إذا ركب معزّ الدولة قفز إليه ليمسك له الركاب ويصلح ثيابه في السرج. وسلّم إليه معزّ الدولة الرحبة في سنة ثمان وأربعين ليجعل فيها ماله وأهله.

فلمّا ولي الوزير الناصر للدين أبو محمد الحسن بن [عليّ بن] عبد الرحمن اليازوري (٥) وزارة المستنصر، لم يرض من معزّ الدولة بما رضيه الوزراء قبله ورأى أنّ الحيلة والخديعة أبلغ فيما يريده. فاستعمل السياسة وبعث خفايا التدبير، وندب لذلك رجلا من ثقاته (٦). فسار إلى حلب وساس الأمر وأحكم التدبير مع كاتب معزّ الدولة بكثرة ما وعده به ومنّاه. إلى أن نزل معزّ


(١) اللألك: الخفّ (دوزي)، ولم نجدها في غيره.
(٢) مرّ في ترجمة أنوشتكين أنّه مات في ٢٤ منه (ص ٣٠٤ أعلاه).
(٣) في الاتّعاظ ٢/ ٢٠١: وكان ثمال قرّر على نفسه عشرين ألف دينار في كلّ سنة.
(٤) في المخطوط: ابنة الأمير وثاب وزوجته السيدة ...
(٥) ترجمة اليازوري: رقم ١١٨٨ (ت ٤٥٠).
(٦) الاتّعاظ ٢/ ٢٥٩، يقال له: عين الدولة عليّ بن عياض قاضي صور.

<<  <  ج: ص:  >  >>