للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموفي خمسمائة من مسند كذا.

وكان يصوم، فإذا [أ] فطر نام نومة، ثمّ نهض فتوضّأ، ودخل بيت مصلّاه وصفّ قدميه إلى الغداة.

ولّاه الأمير أبو القاسم أونوجور ابن الإخشيد وزارة مصر بعد الحسين بن محمد بن علي الماذرائيّ في يوم الأربعاء سابع ذي القعدة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة فدبّر الأمور، وعقد له مجلسا بداره في عشيّة كلّ خميس حضره القضاة والفقهاء والمحدّثون [ ... ].

ولم يزل مدّة أيّام أونوجور وأيّام أخيه [٢٩٩ أ] عليّ، وأيّام كافور الإخشيديّ. فلمّا مات كافور في عاشر جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة انقسم أمر مصر بين أربعة: فأقيم الأمير أبو الفوارس أحمد بن علي بن الإخشيد في الإمارة، وعمره عشر سنين وعشرة أشهر، وجعل خليفته الحسن بن عبيد الله بن طغج (١) وهو بالرملة، وجعل على تدبير العساكر شمول الإخشيديّ، وعلى تدبير الأموال الوزير أبو الفضل. وقام كلّ من القوّاد في هوى نفسه وانفرد بما يريد. فقبض أبو الفضل على جماعة من الكتّاب، وأخذ البيعة على الجند لابنه أحمد بن جعفر بالإمارة على مصر والشامات والحرمين، واحتجّ بأنّه ابن بنت الإخشيد (٢)، فوقع بينه وبين شمول، وكثرت الفتن، ولم يطق رضا الإخشيديّة (٣) والكافوريّة

والأتراك وسائر العسكر، ولم يحملوا إليه ما عليهم من أموال الضمانات وطلبوا منه، فاضطرب الأمر عليه، فاختفى في يوم الثلاثاء ثاني عشر شوّال منها ولم يعرف له خبر إلى أن جمع الشريف أبو جعفر مسلّم بن [٣٨٠ ب] عبيد الله الحسينيّ القوّاد والوجوه بداره في يوم الجمعة سادس ذي القعدة، وأخرج الوزير إليهم في زيّ الاستتار بقلنسوة نوميّة ورداء ونعل. فاعتذر الجماعة إليه ووعدوه من أنفسهم النصرة والخدمة وعقدوا عليهم الوفاء له بذلك، وكتبوا له كتابا يتوثّق به.

ثمّ ركب من دار أبي جعفر إلى الجامع العتيق، وصلّى الجمعة، وأمر بالنداء بالحجّ في البرّ، وانصرف في جميع العسكر، وصار إلى أمّ عليّ ابن الإخشيد فسلّم عليها وعاد إلى داره، فنظر في أمور الناس، وأمر ونهى، وعزل وولّى. ولم يحجّ أحد من مصر في البرّ، ولا وفى بما عاهد عليه، ولا وفى له من حلف. وصارت أمور مصر إلى تلاش زائد، وضاعت الأموال، وتغيّرت النيّات، وافترق الناس: فطائفة خرجت من مصر إلى الرملة ولحقت بالحسن بن عبيد الله بن طغج تضرّب على الوزير وترميه بالعظائم، وأكثر الناس قد كتبوا إلى بلاد المغرب يستحثّون الإمام المعزّ لدين الله على المسير إلى مصر، وأخذها لعدم من يقوم بأمرها.

وممّن كتب إليه الوزير أبو الفضل.

وطائفة قد خرجت إلى الغرب ولحقت بالمعزّ هذا، وقد اختلطت الأمور وكثر الإرجاف بمسير القرامطة لعلمهم بموت كافور. وقد كثرت الفتن ببلاد الشام، فصار من تغلّب صاحبه يتأمّر بدمشق، والشريف أبو محمد عبد الله أخو مسلّم بالرملة على محاربة الحسن بن عبيد الله بن طغج، وقد جمع معه ثمال العقيلي وطوائف من العرب ودعا إلى نفسه وتلقّب بالمهديّ.


(١) ابن طغج تأتي ترجمته برقم ١١٧٢.
(٢) في الترجمة الطويلة التي خصّصها ابن سعيد لمحمّد بن طغج أنّه زوّج ابنته من [أحمد بن] جعفر بن الفرات ابن وزير الراضي العبّاسي (المغرب، قسم مصر، ١٥٧).
وفي يتيمة الدهر ١/ ٤٣٣ أنّ ابن الفرات كان «يدلّ بعرسه، وهي ابنة الإخشيد».
(٣) في سير النبلاء: لم يقدر على إرضائهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>