للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفاتك ودرامك وعدّة من قوّاد الإخشيديّة ورجالهم، فقاتلهم قتالا شديدا، وأسر الحسن بن عبيد الله وجعفر القرمطيّ وابن الرياحي وفاتك وعدّة من الأعيان في يوم الثلاثاء لسبع خلون من ربيع الآخر [سنة ٣٥٩]، وأبعدهم إلى القاهرة في القيود مع ابنه. وأخذ السيف بقيّتهم، فقتل كثيرا منهم وتمكّن من الرملة، وذلك للنصف من شهر رجب. وأقام يتتبّع ما للحسن بن عبيد الله ولأصحابه من أموال حتى استخلصها.

ثمّ سار إلى طبريّة وأخذ يبني قصرا عند جسر الصّنّبرة (١)، وكان على طبريّة فاتك غلام ملهم من قبل الإخشيديّة، فكاتبه جعفر وخدعه حتى قعد عن الحسن بن عبيد الله. وكاتب شمول الإخشيدي وهو على دمشق قد استخلفه عليها الحسن بن عبيد الله [٣٨٣ ب]، واستماله ووعده، فتمكّن من طبريّة، وثقل عليه أمر بني عقيل أهل بلاد حوران والبثنيّة (٢) الذين أقامهم كافور الإخشيدي، وهم شبيب بن [ ... ] وظالم بن مرهوب، وملهم بن [ ... ] (٣). فاستجلب إليه عرب مرّة وعرب فزارة، وأوعز إلى من يفتك بفاتك غلام ملهم، فوقف له عدّة من المغاربة ووثبوا به على حين غفلة، فجرّد سيفه وضرب رجلا منهم رمى نصف رأسه، وكثروا عليه وقتلوه. فتبرّأ جعفر من قتله وأظهر جزعا عليه وقبض على الجماعة الذين قتلوه وبعث بهم إلى ملهم (٤)، فقال لمّا وصلوا إليه [٣٠١ ب]: هو غلامي ومملوكي وقد وهبته للقائد- وأطلق الجماعة الذين قتلوه.

واتّفق من الأمر الرديء لأهل دمشق أنّ مشايخ أهلها لمّا بلغهم قدوم جعفر بن فلاح إلى طبريّة خرجوا إلى لقائه، وفيهم عقيل بن الحسن بن الحسين العلويّ و [أبو القاسم إسماعيل] بن أبي يعلى العبّاسيّ، فوافوا يوم دخولهم إلى طبريّة قتل فاتك، وقد ثارت فتنة، والمغاربة ركبانا، وفيهم من يأخذ الناس، فقصدوا أهل دمشق فأخذوهم وجرّدوهم من ثيابهم وسبّوهم وتوعّدوهم وقالوا لهم: أوذا نحن سائرون إليكم! - فصاروا في أسوإ حال قد أخذت أثقالهم وثيابهم. فلقوا جعفر بن فلاح وعادوا إلى دمشق فأخبروا الناس بما جرى عليهم من الوعيد وأنّهم لقوا قوما جفاة قباح المنظر والزيّ والكلام ناقصي العقول. فاستوحشت قلوب أهل دمشق من المغاربة.

وكان شمول قد خرج إلى لقاء جعفر بن فلاح وخلت مدينة دمشق من السلطان، فطمع الطامع، وكثر الذعّار وحمّال السلاح. واتّفق أيضا أنّ جعفر [ا] لمّا قتل فاتك [ا] عمل في قلع بني عقيل من أرض حوران والبثنيّة، فأنفذ إليهم مرّة وفزارة، وجهّز بعدهم جيشا من المغاربة. فالتقى القوم وأدركهم المغاربة فانهزم العقيليّون وتبعوهم إلى أرض حمص. ثمّ عادوا عنهم ومالوا على جبل سنير (٥) الذي يقال له اليوم جبل الثلج فنهبوا، ونزلوا الغوطة فجالوا فيها وساروا حتّى نزلوا على نهر يزيد نحو الدكّة (٦). فثار عليهم أهل دمشق وقاتلوهم وقتلوا منهم [رجلا] (٧) من العرب يقال له عيسى بن دهاس الفزاريّ، وهزموهم عن


(١) الصنبرة على نهر الأردنّ، على ثلاثة أميال من طبريّة.
(٢) البثنية: قرية من نواحي دمشق.
(٣) بقيّة الاسمين بيضاء بالمخطوط وكذلك في الاتّعاظ ١/ ١٧٤.
(٤) في المخطوط: إلى ابن ملهم، والتصويب من الاتّعاظ.
(٥) جبل سنير: بين حمص وبعلبك (ياقوت: سنير).
(٦) موضع من غوطة دمشق، وفي هامش ابن القلانسيّ ٢:
هي اليوم الدوّاسة.
(٧) في المخطوط: وقتلوا منهم كثيرا من العرب يقال له ...
ولعلّ في المتن سقوطا.

<<  <  ج: ص:  >  >>