للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأغبط من ليلى بما لا أناله ... ألا كلّ ما قرّت به العين صالح

ولو أنّ ليلى الأخيليّة سلّمت ... عليّ، وفوقي جندل وصفائح (١)

٥ لسلّمت تسليم البشاشة، أو زقا ... إليها صدى من جانب القبر ضابح (٢)

فقال: زدينا.

فقالت: نعم، هو الذي يقول [الطويل] (٣):

حمامة بطن الواديين ترنّمي ... سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها

أبيني لنا، لا زال ريشك ناعما ... ولا زلت في خضراء غضّ نضيرها

وأشرف بالقوز اليفاع لعلّني ... أرى نار ليلى أو يراني بصيرها

وكنت إذا جئت ليلى تبرقعت ... فقد رابني منها الغداة سفورها

الأبيات ...

فقال الحجّاج: يا ليلى، ما الذي رابه من سفورك؟

قالت: أيّها الأمير، كان يلمّ بي كثيرا، فأرسل إليّ يوما: «إنّي آتيك». ففطن الحيّ فأرصدوا له، فلمّا أتاني سفرت، فعلم أنّ ذلك لشرّ فلم يزد على التسليم والرجوع.

فقال: لله درّك! فهل رأيت منه شيئا تكرهينه؟

قالت: لا، والله الذي أسأله أن يصلحك، غير أنّه قال لي مرّة قولا ظننت أنّه خضع لبعض الأمر، فأنشأت أقول [الطويل]: (٤)

وذي حاجة قلنا له: لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل

لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه ... وأنت لأخرى صاحب وخليل

فلا والذي أسأله أن يصلحك، ما رأيت منه شيئا حتّى فرّق الموت بيني وبينه.

قال: ثمّ مه؟

قالت: لم يلبث أن خرج في غزاة، فأوصى ابن عمّ له: إذا أتيت الحاضر من بني عبادة، فناد بأعلى صوتك [الطويل] (٥):

عفا الله عنها، هل أبيتنّ ليلة ... من الدّهر لا يسري إليّ خيالها

فخرجت وأنا أقول (٦):

وعنه عفا ربّي وأحسن حاله ... فعزّ علينا حاجة لا ينالها

قال: ثمّ مه؟

قالت: لم يلبث أن مات، فأتى نعيه.

قال: فأنشدينا بعض مراثيك فيه.

فأنشدت، ثمّ قال: سلي يا ليلي تعطي.

قالت: أعط فمثلك أعطى فأحسن.

قال: لك عشرون.

قالت: زد، فمثلك زاد [فأجمل].

قال: لك أربعون.

قالت: زد، فمثلك زاد فأفضل.

قال: لك ستّون.

قالت: زد، فمثلك زاد فأكمل.

قال: لك ثمانون.

قالت: زد، فمثلك زاد فتمّم.

قال: لك مائة، واعلمي يا ليلى أنّها غنم!


(١) في الأغاني ١١/ ٢٢٩: ودوني تربة وصفائح.
(٢) الضبح: السواد من حرقة النار، وفي الأغاني: صايح، صوت الصدى.
(٣) الأغاني ١١/ ١٩٨ والوفيات ٢/ ٤٨. وانظر ديوان توبة ص ص ٢٧ - ٤١ من قصيدة في ٤١ بيتا.
(٤) انظر ديوان ليلى الأخيلية ص ص ٩٥ - ٩٦.
(٥) انظر ديوان توبة ص ٩٢.
(٦) انظر ديوان ليلى ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>