للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحاكم بأمر الله في يوم الثالث من شوّال سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة. وقلّده سيفا من سيوف العزيز بالله وحمله على فرس بسرج من ذهب، وكنّاه، ولقّبه «أمين الدولة»، وقال له: «أنت أميني على دولتي ورجالي»، وقاد بين يديه عدّة خيول، وحمل معه خمسين ثوبا من سائر البزّ الرفيع.

ونزل من القصر إلى داره في موكب عظيم. وقرأ سجلّه قاضي القضاة محمد بن النعمان بجامع مصر في خامسه. فاستكتب أبا عبد الله [ ... ] (١) الموصلي واستخلفه على أخذ رقاع الناس وتوقيعاتهم. وألزم سائر الناس بالترجّل له فترجّل كلّ رئيس في طائفته. وقرّر لكتامة سبعة أعطية في السنة وأنفق فيهم وحمل رجالاتهم- وهم نحو الألف- على دوابّ الإصطبل التي خلّفها العزيز، ولم يترك أحدا من الشيوخ حتى حمله على الفرس والفرسين بالمراكب الحسنة من خزائن القصر.

وسيّر سلمان بن جعفر بن فلاح إلى الشام على عسكر، وخلع عليه، وقلّده سيفا مذهّبا، وحمله على فرس، وقاد بين يديه أربعة أفراس بمراكبها، وأنعم عليه إنعاما زائدا، وأنفق في المغاربة السائرين معه (٢)، وبعث إليه بخزانة مال على ثمانية وستّين بغلا فيها أربعمائة ألف دينار وسبعمائة ألف درهم، وبعث إليه بستّة وأربعين حملا من السلاح وعشر جمّازات عليها الدروع وستّ قباب بفرشها وأجلّتها (٣) ومناطقها وسائر

آلاتها، وستّ جمّازات بجنب آلة الديباج الملوّن وثلاثين جمّازة بأجلّة وعشرة أفراس وثلاث بغلات بمراكبها، ومنديل يحمله خادم فيه ثياب من ثياب العزيز وسيف من سيوفه.

وصار ابن عمّار ينزل ويركب من باب الحجرة التي فيها الحاكم، فيشقّ القصر راكبا، وألزم سائر الناس بالتبكير إلى داره، وكانوا يزدحمون على بابه وفي دهاليزه، وبابه مغلق. ثمّ يفتح بعد حين ف [ي] دخل الأعيان إلى قاعة الدار ويجلسون على حصير، وهو جالس في مجلسه لا يدخل إليه أحد مقدار ساعة. ثمّ يأذن للأعيان كالقاضي ووجوه كتامة والقوّاد فيدخل أكابرهم. ثمّ يؤذن لسائر الناس فيزدحمون ولا يقدر أحد على الوصول إليه، فمنهم من يومئ إلى تقبيل الأرض، وهو مع ذلك لا يردّ السلام على أحد.

فإذا خرج لا يتمكّن من تقبيل يده إلّا قوم بأعيانهم. وباقي الناس يقبّل بعضهم الركاب، وبعضهم يومئ إلى تقبيل الأرض.

وأنفذ ما في الإصطبلات من الخيول، فأنعم على كتامة بألفين وخمسمائة فرس، وأخرج للحملان والقود شيئا كثيرا، وحمل من الخيل والبغال والنوق لسلمان بن فلاح زيادة على ألف رأس، وباع من الخيل والبغال والنجب والحمير ما يتجاوز الوصف حتى بيعت الناقة بستّة دنانير، وبيع الحمار الذي كانت قيمته خمسين دينارا بأربعة دنانير. وقطع أكثر الرسوم التي كانت تطلق للأولياء من الأتراك وغيرهم. وقطع أكثر ما كان من المطابخ واقتصر على البعض. وقطع أرزاق


- انتقلت إلى الناقة نفسها. والجنب المذكورة قبل هي الجوالق، أو الزنابيل أو السلال التي تحمل على جانبي المركوب. ولعلّها: نجب ج نجيب وهو البعير الأصيل (دوزي). وفي الاتّعاظ ٢/ ٩: تجنب بآلة.
(١) ترك الاسم بياضا في المخطوط. ولم يذكر كذلك في الاتّعاظ ٢/ ٦.
(٢) السياق يوهم أنّ كلّ هذه الهدايا والقرارات كانت من الحسن بن عمّار، وفي الاتّعاظ ٢/ ٧، أسندت الأفعال كلّها إلى النائب.
(٣) الأجلّة جمع جلّ (الدابة والعمّارية الخ ... ): ما تلبسه وتغطّى به، وفي المخطوط: بأهلّتها ولا توافق الغرض.
والجمّازة أيضا ضرب من الهوادج على الناقة، ومنه-

<<  <  ج: ص:  >  >>