للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بجحفل جمّ شديد الأركان ... فقل لحجّاج وليّ الشيطان

يثبت لجمع مذحج وهمدان ... فإنّهم ساقوه كأس الذيفان (١)

وملحقوه بقرى ابن مروان

وجعل عبد الرحمن على مقدّمته عطيّة بن عمرو العنبريّ، وبعث على كرمان خرشة (٢) بن عمرو التميميّ.

فلمّا بلغ فارس اجتمع الناس بعضهم إلى بعض وقالوا: إذا خلعنا الحجّاج عامل عبد الملك فقد خلعنا عبد الملك.

فثار أبجر (٣) بن تيم الله بن ثعلبة وقال: أيّها الناس إنّي خلعت أبا الذبّان (٤) كخلعي قميصي.

فخلعه الناس إلّا قليلا منهم، وبايعوا عبد الرحمن على كتاب الله وسنّة نبيّه، وعلى جهاد أهل الضلالة وخلعهم، وجهاد المحلّين.

فلمّا بلغ الخبر إلى الحجّاج كتب إلى عبد الملك يعلمه، وسأله تعجيل إنفاذ الجيوش إليه.

وسار إلى البصرة، وجيوش عبد الملك تصل إليه شيئا بعد شيء حتّى تكاملت عنده. فسار إلى تستر وقدّم خيلا فلقوا طليعة عبد الرحمن وقاتلوهم قتالا شديدا. فانهزم أصحاب الحجّاج في يوم الأضحى سنة إحدى وثمانين وقتل منهم جمع كبير. فعاد الحجّاج إلى البصرة، وتبعه أصحاب عبد الرحمن فقتلوا منه وأصابوا بعض أثقاله، فلم

ينزل بالبصرة وتركها وعسكر بالزاوية. وفرّق في أصحابه مائة وخمسين ألف ألف درهم.

فأقبل عبد الرحمن إلى البصرة واستولى عليها بغير مدافع، وبايعه جميع أهلها من القرّاء والكهول وغيرهم على حرب الحجّاج وخلع عبد الملك في آخر ذي الحجّة [سنة ٨٢]. وخندق عبد الرّحمن على نفسه كما خندق الحجّاج.

والتقى الجمعان في المحرّم سنة اثنتين وثمانين فاقتتلوا قتالا شديدا تزاحفوا فيه عدّة دفعات.

واشتدّ قتالهم في آخر المحرّم، فانهزم أصحاب الحجّاج حتى انتهوا إليه وقاتلوا على خنادقهم. ثمّ تزاحفوا آخر يوم من المحرّم فتقوّضت صفوف الحجّاج، وجثا على ركبتيه وعزم على أن لا يفرّ.

فحمل سفيان بن الأبرد [الكلبي] على ميمنة عبد الرحمن فهزمها، فانهزم الجميع وأقبلوا مع عبد الرحمن نحو الكوفة، وقد قتل منهم خلق كثير، فيهم جماعة من القرّاء- ثمّ قتل الحجّاج منهم غدرا أحد عشر ألف رجل- فسمّيت هذه الوقعة [٢٨ أ] وقعة الزاوية.

فأقاموا صفر، وعبد الرحمن بالكوفة، وقد استولى على القصر، واستمرّ الحال إلى شعبان من هذه السنة [سنة ٨٢]- وقيل: من سنة ثلاث وثمانين.

فسار الحجّاج من البصرة ونزل دير قرّة قريبا من الكوفة. فبرز إليه عبد الرحمن من الكوفة وعسكر بدير الجماجم فتطيّر الحجّاج على عبد الرحمن.

واجتمع على عبد الرحمن أهل الكوفة والبصرة والقرّاء وأهل الثغور. واجتمع مع الحجّاج أمداده من أهل الشام، وخندق كلّ منها على نفسه، واقتتلوا كلّ يوم.

فبعث عبد الملك بابنه عبد الله وبأخيه محمد،


(١) الأبيات عند الطبريّ، ٤/ ٤٦٣، وفي الأغاني ٦/ ٥٨، وفي الكامل ٤/ ٤٦٣. والذيفان: السمّ.
(٢) في الكامل حريثة. وعند الطبريّ، ٦/ ٣٣٧: خرشة كما في المخطوط.
(٣) في الكامل: تيجان من أبحر.
(٤) في المعارف، ٣٥٥: يكنّى أبا الذبّان لبخره ورشح الحجر لبخله.

<<  <  ج: ص:  >  >>