للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: نعم يا أمير المؤمنين.

قال: فادخل بها في تلك القبّة.

فقام ففعل.

فقال له هارون: «قل في هذا شعرا». فأنشأ يقول [المجتثّ]:

ظبي كتبت بطرفي ... عن الضمير إليه

قبّلته من بعيد ... فاعتلّ من شفتيه

وردّ أحسن ردّ ... بالكسر من حاجبيه (١)

فما برحت مكاني ... حتى قدرت عليه

ويروى في ذلك أنّ المأمون دخل على أمّ جعفر (٢) بعد قتل محمد الأمين ابنها، فرأى على رأسها جارية من أحسن الناس وجها وقدّا وشمائل، فأعجب بها وشغلت قلبه، فكسر طرفه في طرفها، فأجابته من طرفها بمثل ذلك. فأومأ بفيه فقبّلها من بعيد، فعضت على شفتها فدميت. فقال المأمون لأمّ جعفر: يا أمّه، تأذنين لي في كلام هذه الجارية؟

قالت: هي أمتك.

فدعا بدواة وكتب إلى الجارية: ظبي كتبت ...

الأبيات ...

وعشق المأمون جارية لأمّ عيسى امرأته، فوجدت عليه فكتب إليها بشعر أبيه [الوافر]:

أما يكفيك أنّك تملكيني ... وأن الناس كلّهم عبيدي؟

فرضيت عنه. وجاءها فأخرجت إليه الجواري.

فغنّت الجارية الشعر من بينهنّ، فقال المأمون [الوافر]:

أرى ماء ولي عطش شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود

فقالت: خذها غير مبارك لك فيها!

فقال: ظبي كتب [الخ ... ].

ومن شعره أيضا [الخفيف]:

عرفت حاجتي إليها فضنّت ... ورأت طاعتي لها فتجنّت [١٣٧ ب]

وإذا النفس رامت الصبر عنها ... ذكرت حسرة الفراق فحنّت

لا تلومنّ غير نفسك فيها ... أنت جنّيتها عليك تجنّت

*** وعرضت على المأمون جارية شاعرة فصيحة متأدّبة شطرنجيّة ساوم فيها النحّاس بألفي دينار.

فقال: إن هي أجازت بيتا أقوله ببيت من عندها اشتريتها بما تقول وزدتك.

قال: فكم الزيادة يا أمير المؤمنين؟

قال: مائة دينار.

فقال: زدني.

قال: مائتا دينار.

قال: زدني.

قال: ثلاثمائة دينار.

قال: زدني.

قال: خمسمائة دينار.

قال: فليسألها أمير المؤمنين عمّا أراد.

فأنشد المأمون [البسيط]:

ماذا تقولين في من شفّه أرق ... من جهد حبّك حتى صار حيرانا؟


(١) في تاريخ بغداد ١٠/ ١٨٥: وردّ أخبث ردّ ...
(٢) أمّ جعفر هي زبيدة زوجة الرشيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>