للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لست أريد الإمارة عليك، ولكني أريدها لك. فإن أبيت كان [ت] شورى بين المسلمين (١).

وكتب في أسفل كتابه [الطويل]:

ألا قل لعبد الله واخصص محمّدا ... وفارسنا المأمول سعد بن مالك (٢)

ثلاثة رهط من صحاب محمّد ... نجوما ومأوى للرجال الصعالك

ألا تخبرونا والحوادث جمّة ... وما الناس إلّا بين ناج وهالك:

أحلّ لكم قتل الإمام بذنبه ... فلست لأهل الجور أوّل تارك

وإلّا يكن ذنب أحاط بقتله ... ففي تركه والله إحدى المهالك [٢٥٠ أ]

وإمّا وقفتم بين حقّ وباطل ... فوقف نساء في إماء عوارك

وما القول إلّا نصره أو قتاله ... إمامة قدم بدّلت غير ذلك

فإن تنصرونا تنصروا أهل حرمة ... وفي خذلنا يا قوم جبّ الحوارك

فأجابه عبد الله: أمّا بعد، فإنّ الرأي الذي أطمعك فيّ هو الذي صيّرك إليه الله. أنّى تركت عليّا في المهاجرين والأنصار وطلحة والزبير وعائشة أمّ المؤمنين واتّبعتك؟ (٣) وأمّا زعمك أنّي طعنت على عليّ فلعمري ما أنا في الإيمان والهجرة كعليّ، ومكانه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ونكايته في المشركين. ولكن حدث أمر لم يكن من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه عهد إليّ، ففزعت فيه إلى

الوقوف، إن كان هدى ففضل تركته، وإن كان ضلالة فشرّ نجوت منه. فأغن عنّا نفسك.

وقال لابن غزيّة (١*): «أجب الرجل! » فقال:

معاوي لا ترج الذي لست نائلا ... وحاول نصيرا غير سعد بن مالك

ولا ترج عبد الله واترك محمّدا ... ففيما تريد اليوم جبّ الحوارك

تركنا عليّا في صحاب محمّد ... وكان لما يرجى له غير تارك

نصير رسول الله في كلّ موطن ... وفارسه المأمول عند المعارك

وقد خفّت الأنصار معه وعصبة ... مهاجرة مثل الليوث الشوابك

وطلحة يدعو والزبير وأمّنا ... فقلنا لها: قولي لنا ما بدا لك

حذار أمور شبّهت ولعلّها ... صوانع في الأخطار إحدى المهالك

وتطمع فينا يا ابن هند سفاهة ... عليك بعليا حمير والسكاسك

وقوم يمانيّون يعطوك نصرهم ... بصمّ العوالي والسيوف البواتك

فلمّا تواعد عليّ ومعاوية على تحكيم الحكمين كتب معاوية إلى عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير أن يحضرا الحكومة. فأراد ابن عمر أن يقعد فدخل على أخته حفصة أمّ المؤمنين فقال: قد كان من أمر الناس ما ترين، ولم يجعل لي من الأمر شيء.

قالت: فالحق بهم، فإنّهم ينتظرونك، وإنّي أخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة.

فقال: إنّهم لم يقاتلوا على هذا ليدفعوه إليّ.


(١) انظر وقعة صفّين، ٨٠.
(٢) هما محمد بن مسلمة الأنصاري (أسد الغابة ٤٧٦١) وسعد ابن أبي وقّاص.
(٣) في المخطوط: واتبعك. والإصلاح من وقعة صفّين، ٨١.
(١*) ابن أبي غزيّة في وقعة صفّين، ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>