للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: في الطريق قوم من بني هلال يقطعو [ن] على الناس الطريق. وما أبالي على ما أؤخذ، فإنّي كنت أمضي في خلق، ولكن عرّفت بشيء.

قال: إيش هو؟

قال: يأخذو [ن] ما على الإنسان ويفسقو [ن] به، قد عملوا هذا مع جماعة.

فقال: أسألك يا أبا القاسم بما بيني وبينك إلّا بلّغت إلى أبي جعفر مسلّم وقلت له: الحاجة التي سألتك فيها، أخّرها.

فقال: أخاف أن لا يقبل منّي.

فقام إلى أبي جعفر وقال له: تؤخّر ما سألتك أيّدك الله حتى أرى رأيي.

فقال له: قد فرغنا ممّا رسمت وتقدّمنا إلى الطبّاخين بإصلاح ما يصلح لك.

قال: جزيت خيرا وكفيت شرّا، ولا عدمك أولياؤك، وكبت أعداؤك!

وانضرف. فشكر مسلّم فعل التاجر [١٥٩ أ].

وهجاه بعضهم فقال [السريع]:

يفخر بالحبّ وإقناطه ... والحبّ عندي فهو عار عليه

من حبّ منكم أن يرى مشركا ... فليتوخّ أن يرى سيبويه

فقال آخر ينتصر له:

لا حفظ الله ولا حاط من ... قد قال هذا الشعر في سيبويه

إذا قال عنه إنّه مشرك ... لقد أتى زورا وإفكا عليه

ما كان إلّا رجلا مؤمنا ... وطالبا للعلم ساع إليه (١)

ومرّ برجل وقد خرج من الحمّام فقال له:

نفعك الله وأعقبك الصحّة!

فقال له: كذلك فعل الله بك.

فقال الرجل: قال يوحنّا بن ماسويه: أفضل الحمّامات ما تقادم بناؤه، وارتفع سماؤه، وكثر ضياؤه، وعذب ماؤه، وقلّت خطاه.

فقال سيبويه: وحضر غداؤه!

وركب الأستاذ كافور الإخشيديّ يوما لصلاة الجمعة في مواكبه فسمع صياحا فسأل عنه فقيل:

سيبويه.

فقال: «استروه عنّي بالدرق! » وهو يصيح: «أبا المسك مدح القطّ خرى في الشعير! لا أعتق الله منك قلامة ظفر! ».

ثمّ التفت إلى الناس فقال: حصلنا على خصيّ، وصبيّ، وامرأة لا تدري- يريد بالخصيّ كافورا، وبالصبيّ عليّ بن الإخشيد، وبالمرأة أمّه.

وقال مرّة: حصلت الدنيا على أقطع وأقرع وأوقع (٢) - يريد بالأقطع ابن بويه، وبالأقرع ابن حمدان والأوقع كافور.

وكان عند أبي جعفر مسلّم ذات يوم فجاءه خادمه سابور فسارّه بشيء فأصغى إليه وترك كلام سيبويه. فقام سيبويه، فقال له مسلّم: إلى أين يا سيّدي، يا أبا بكر؟

فقال: لا تجالس من لا يرى مجالستك رفعة، ولا تحدّثن من لا يرى حديثك متعة، ولا تسألن من لا تأمن منعه، ولا تأمرن من لا تأمن طوعه.

فقال أبو جعفر مسلّم لرجل: الحقه، وقل له:

الحاجة تجيئك الساعة، وإلّا قف في الطريق.


(١) هكذا: ساع عوض ساعيا.
(٢) الأوقع قراءة ظنيّة ولعلها الذليل الكئيب الفقير.

<<  <  ج: ص:  >  >>