للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نبا ولم يك كالمشحوذة البتر ... وقد تقدّم إحسان إليّ لكم

لم أؤت فيه من الإغراق في الشّكر ... وفي بقاء عبيد الله لي خلف

وفيض راحته المغني عن المطر

وقال أبو العبّاس محمّد بن يزيد في أبي العبّاس أحمد بن يحيى ثعلب [الرجز]:

أقسم بالمبتسم العذب ... ومشتكى الصّبّ إلى الصّبّ

لو كتب النحو عن العرب ... ما زاده إلّا عمى قلب

فلمّا سمعهما ثعلب تمثّل بقول الشاعر [السريع]:

أسمعني عبد بني مسمع ... فصنت عنه النفس والعرضا

ولم أجبه لاحتقاري به ... ومنّ يعضّ الكلب إن عضّا! [٢٢٥ أ]

وأتاه رجل، فلمّا رآه أبو العبّاس قام إليه فاعتنقه، فأكبر الرجل قيامه إليه، فقال له: أتقوم إليّ يا أبا العبّاس!

فقال له أبو العبّاس المبرّد [الوافر]:

أينكر أن أقوم إذا بدا لي ... لأكرمه وأعظمه هشام (١)

فلا تعجب لإسراعي إليه ... فإنّ لمثله ذخر القيام

وقال [الطويل]:

لئن قمت ما في ذاك منّي غضاضة ... عليّ ولكنّ الكريم مدلّل

على أنّها منّي لغيرك هجنة

ولكنّها بيني وبينك تجمل

وكان المبرّد من أبخل النّاس بكلّ شيء. وبلغه أنّ أبا عبيدة معمر بن المثنّى قال: لا يكون نحويّ شجاعا.

فقيل له: وكيف؟

فقال: أترونه يفرّق بين الساكن والمتحرّك، ولا يفرّق بين الموت والحياة؟

فقال المبرّد: وأنا أقول: لا يكون نحويّ جوادا.

فقيل له: وكيف ذلك؟

قال: أترونه يفرّق بين الهمزتين، ولا يفرّق بين سبب الغنى والفقر؟

يريد أنّ الإمساك سبب من أسباب الغنى، والعطاء سبب من أسباب الفقر.

وقال: ما وضعت بحذاء الدرهم شيئا قطّ إلّا رجح الدرهم في نفسي عليه- هذا مع سعة كان فيها ووجد.

قال: وكان ثعلب على مثل ما كان عليه المبرّد في الإمساك، وفوقه في السّعة، غير أنّ المبرّد كان يسأل سؤالا صراحا، وكان ثعلب يعرّض ولا يصرّح. قال أبو بكر التاريخيّ (٢): ولولا أنّي أكره أن أكون عيّابا للعلماء خاصّة لأخبرتك عنهما من الأخبار التي تزيد على أخبار محمد بن الجهم البرمكيّ والكنديّ وخالد بن صفوان (٣) والأصمعيّ


(١) في أمالي المرتضى ٢/ ٤٥ والقادم هو البحتريّ.
(٢) أبو بكر التاريخيّ هو محمد بن عبد الملك السرّاج الأديب الإخباريّ المحدّث: تاريخ بغداد ٢/ ٤٣٨ (٨٥٠).
(٣) محمّد بن الجهم هو حسب تعليق المرحوم طه الحاجريّ ناشر كتاب البخلاء ٤٧٢ (رقم ١٦٤) غير محمد بن الجهم السمريّ المقرئ.
والكندي كذلك هو غير يعقوب بن إسحاق فيلسوف العرب (تعليق ٣) ص ٢٥٢. أمّا خالد بن صفوان-

<<  <  ج: ص:  >  >>