للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلم يجبه أحد. فسلّم ومضى. [وكان الذي سألهم الخضر عليه السلام] (١).

وسأل الشيخ أبا العبّاس الرّعينيّ سائل فقال: أيّما أفضل: العقل أم الروح؟

فغيّب الشيخ أبو العبّاس ثمّ حضر فقال:

لمّا أسرى بالنبيّ صلّى الله عليه وسلم صحبة جبريل عليه السلام انتهى به جبريل إلى حدّه، فوقف وقال: يا محمّد، ما منّا إلا وله مقام معلوم:

منذ خلقت، ما تعدّيت ههنا. فتقدّم النبيّ صلّى الله عليه وسلم إلى مقامه الذي اتّصل به. فكان [١٤٦ أ] جبريل روح [ا]، وكان محمد صلّى الله عليه وسلم حين ذلك عقلا.

وقال: خرجت مرّة من إشبيلية وحدي لبلد آخر، وإذا شخص يشبه أهل اليمن سلّم عليّ، وصار يحادثني إن مشيت مشى وإن قعدت قعد، يقرأ سورة: إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ. فبقي معي أيّاما. فقلت: من تكون، رحمك الله؟

قال: أنا مؤمن من مؤمني الجنّ أرسلت إليك أؤنسك- فلمّا وصلت إلى البلد الذي أردت، راح عنّي.

قال: كنت [في] حالة تجريدي بمصر أتردّد إلى مسجد قبالة مصنع الحفّارين بطريق القرافة أبيت فيه. وكنت أخرج في الليل أمشي في الجبّانة، فيكشف الله لي أحوال أهل القبور المنعّمين، وغيرهم من المعذّبين في اختلاف أحوالهم، فما رأيت أحسن من الجهة التي قبليّ الفتح.

قال ابن أبي المنصور: فلمّا أدركته الوفاة أشار إليّ بأن أحفر له قبرا. فاخترت له مكانا قبليّ الفتح. فدفنته فيه. وأخبرته قبل موته فقال:

أحسنت.

وقال: كنت يوما أصلّي في المسجد الذي أنا فيه، وإذا أنا أبصر وراء الحائط ثلاثة من الأبدال عابرين المسجد. فلمّا وصلوا قبالة المسجد، قال بعضهم لبعض: هذا رجل في المسجد. ليدخل منّا واحد ليبصره. فجاء واحد منهم للحائط الذي فيه الباب، فدخل من الحائط حتى جاء إليّ فوجدني قائما في الصلاة فغسلني وخرج من الحائط وأخبر أصحابه وأنا أبصر إلى أن انصرفوا.

وكان لباسهم جلدا.

وقال: مرضت مرّة في إشبيلية. فكنت مضطجعا، وإذا أنا أشهد طيورا كبارا ملوّنة يرفعون أجنحتهم دفعة واحدة ويضعونها وضعا واحدا، وأشخاص على أيديهم أطباق مغطّاة فيها تحف.

فوقع لي أنّها تحفة الموت (٢). فاستقبلتها وتشاهدت. فقال لي واحد منهم: أنت ما جاء وقتك. هذه تحفة لمؤمن غيرك جاء وقته. ولم أزل انظر إليهم إلى أن غابوا.

وكنت مرّة في المسجد الذي أصلّي فيه بمصر، وقد عبر المتولّي في ذلك الوقت في زمن الملك العادل الكبير، كان يقال له فخر الدين إسماعيل.

فسمعت مخاطبة: هذا في معالجتك في الظاهر، وأنت قبالته في الباطن (٣).

وكان إذا صلّى في محراب هذا المسجد ينحرف يمينا. فسئل عن ذلك فقال: أنا أصلّي إلى الكعبة عيانا وأميل معها.

وقال: خطر للملك الكامل أن يخرج المغاربة من ديار مصر لوهم وقع له فيهم. فنادى فيهم بالخروج نداء مقلقا. فتغيّر باطني عليه بسبب ذلك. ثمّ إنّه رجع عنه. فلمّا حججت بعد، وأنا


(١) الزيادات من الكواكب السيّارة ١٥٤. ح
(٢) هكذا في المخطوط، ولا ندري ما المقصود بالتحف.
(٣) هذه الفقرة غامضة.

<<  <  ج: ص:  >  >>