للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأخذه بالسيف، وكان به أولاد أمير الجيوش وأهله، فلم يعترضهم بسوء وأحسن إليهم وبعثهم إليه.

وفيها سار أمير الجيوش إلى الوجه البحريّ وأوقع بعرب لواتة وهزمهم وقتل مقدّمهم سليم [ان] اللواتيّ وولده، واستصفى أموالهما.

ثم سار إلى دمياط وقتل عدّة من المفسدين وأحرقهم. وأصلح سائر البرّ الشرقيّ من مصر.

ثم غدا إلى البرّ الغربيّ وقتل من الطائفة الملحيّة (١) وأتباعهم بالإسكندريّة عددا كبيرا بعد ما أقام أيّاما على الإسكندريّة يحاصرها حتى أخذها من الملحيّة عنوة، وعفا عن أهل البلد فلم يضرّهم بشيء.

وفي سنة تسع وستّين اجتمع كثير من عرب جهينة والجعافرة والثعالبة وغيرهم بمدينة طوخ (٢) العليا من صعيد مصر واتّفقوا على محاربة أمير الجيوش. فخرج إليهم وسار حتى كان قريبا منهم [ف] نزل بحماهم وأقام إلى نصف الليل. ثم أمر فضربت طبوله وأشعلت المشاعل، وأكثر من وقود النار وضرب الطبول والبوقات، وصرخ كلّ من في عسكره وحملوا حملة واحدة على العرب، فقتل أكثرهم بالسيف، وانهزم باقيهم فغرقوا ولم ينج منهم إلّا قليل. واحتوى من أموالهم على ما لا يحدّ كثرة وبعثها للمستنصر.

ثم سار إلى أسوان وبها كنز الدولة محمد قد تغلّب عليها وعظم شأنه وكثرت أتباعه فقاتله وقتله، وبنى في موضع الوقعة مسجدا سمّاه مسجد النصر. ثم عاد إلى القاهرة وقد صلحت أرض

مصر كلّها أعلاها وأسفلها، وزالت العربان والعساكر المفسدة منها.

وقدم أتسز بن أوق الخوارزميّ في مدّة غيبته ببلاد الصعيد إلى القاهرة يريد الاستيلاء عليها، فقاتله المستنصر وهزمه.

ثمّ خرجت عرب قيس وعرب فزارة وسليم عن الطاعة فخرج إليهم وقاتلهم وهزمهم إلى برقة.

ثم ندب في سنة سبعين وأربعمائة العساكر إلى دمشق وقدّم عليها نصر الدولة أفتكين الجيوشيّ، فسار إليها وحاصرها مدّة أيّام، ثم رجع. فلمّا كانت سنة اثنتين وسبعين سيّر عسكرا آخر فحاصرها [٢٤٣ ب] حتى أشرف على أخذها، ثم عاد خوفا من قدوم تاج الدولة تتش.

وفي سنة سبع وسبعين عصى الأوحد ابن أمير الجيوش على أبيه بالإسكندريّة وصار في جمع كثير من العرب. فسار إليه وحصر الإسكندريّة إلى أن أخذها وقبض على ولده وقتل كثيرا من الناس وأغرم أهل البلد مالا كثيرا، وبنى بها الجامع المعروف بجامع العطّارين، وقتل ابنه.

فلمّا كانت سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة جهّز جيشا [ف] أخذ صور وصيدا وفتح جبيل (٣) وعكّا، وكانت بيد تاج الدولة تتش، وأخذ غزّة من أصحابه وقبض منهم مالا كثيرا من ذخائر تتش.

وفي سنة خمس وثمانين أنشأ باب زويلة الكبير على ما هو عليه الآن، وأنشأ باب الفتوح وباب النصر، بناها له ثلاثة إخوة من أهل الرها.

ولم يزل على قوّة وسداد من أمره إلى أن مات بعد مرض طويل أسكت فيه مدّة ولم يقدر على الكلام، في ذي القعدة- وقيل: في شهر ربيع، وقيل: في جمادى الأولى- سنة سبع وثمانين


(١) الطائفة الملحيّة: ذكرهم ابن ميسّر ٢٤ تحت سنة ٤٦٧، والمقريزيّ في مسوّدة الخطط ١٠، وفي الكامل ١٠/ ٨٧: المسلحيّة، ولم نجد لهم تعريفا.
(٢) بالصعيد غربيّ النيل (ياقوت).
(٣) ابن ميسّر (ماسي) ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>