للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بحث حول «مِن» في قوله تعالى: {لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} وقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ}]

الحمد لله.

* قوله عز وجل: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٣)}.

(مِنْ) في قوله: {مِنْهُمْ} يجوز أن تكون تبعيضية، إذا جُعِل النفي في قوله: {لَمْ يَنْتَهُوا} من باب سلب العموم، أي: لم يَعُمَّهم الانتهاء، فيصدق بما إذا انتهى بعضهم.

وعليه، فلو قيل: ليمسنَّهم، لاقتضى أن العذاب يمسُّهم جميعًا إن لم ينتهوا جميعًا. أي: أن العذاب يعمُّهم إن لم يعمَّهم الانتهاء، وإن انتهى بعضهم.

وهذا غير مراد، وإنما المراد أن العذاب يمسّ من لم ينته دون من انتهى. فوجب في أداء المعنى المراد أن يؤتى بما في النظم الكريم.

أمَا إذا جُعِل النفي من باب عموم السلب، فلا يصح التبعيض، إذ يكون المعنى حينئذٍ: لئن لم ينته أحد منهم. وإذا لم ينته أحد منهم فكلهم كفار، فلا معنى لأن يُجعل الذين كفروا بعضًا منهم. فيجب على هذا جعل (مِنْ) بيانيَّة.