من الدراهم وسبيكة الفضة وحليتها يُغني غناء الآخر في الجملة، ولو بتوسط صنعة.
فالدنانير وحلية الذهب يغني كلٌّ منهما غناء الآخر في الجملة بتوسط صنعة، بأن تُصاغ الدنانير حليةً، أو تُضرب الحليةُ دنانيرَ، وسبيكة الذهب وحلية الفضة يغني كل منهما غناء الآخر، بأن تُصاغ السبيكة حلية، أو تُضرب دنانير، وتضرب حلية الفضة دراهم، وقِسْ على ذلك.
والذي يظهر من مذاهب العلماء أنهم لم ينظروا إلى الحلية، ولكن منهم من نظر إلى الثمنية، فجعلها العلة في تحريم بيع الذهب بالفضة نساءً.
فإما أن يكون بنى على ما كان في صدر الإسلام من تبايع الأعراض بالذهب والفضة، وإن كانا غير مضروبين.
وإما أن يكون بنى على أن السبيكة والحلية يمكن تحويلهما إلى النقد بالصنعة، ولاسيما والمشروع في الإسلام أن تكون دار الضرب مفتوحةً للناس كلهم، من أراد أن يضرب ذهبه أو فضته نقدًا دفعها إلى دار الضرب، وأعطاهم أجرة تعبهم، فضربوا له. وهكذا كان في القرون الأولى.
وإنما تحجرت الحكومات دور الضرب ظلمًا؛ لتشتري وزن الدينارين من الذهب الخالص بدينار مغشوش، ثم تغش الذهب، وتضربه ثلاثة دنانير، أو نحو ذلك، ومثله في الفضة. ونشأ من ذلك من الظلم والفساد ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وقد وقعت أزمات مالية شديدة في بعض الأمم، كألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، هذا أساسها، وربما اشتدت الأزمة منها حتى تهدِّد العالم أجمع.
هل نظر القائل: إن العلة في بيع الذهب بالفضة هي الثمنية ــ وهو مالك