أئمة السلف، على أنّنا نعلم أنّه لم يكن أحد منهم معصومًا عن الخطأ، والله أعلم.
إذا أحطت خبرًا بما تقدم، ثم وزنتَ به مسحَ الرقبة في الوضوء، وتخصيصَ ليلة النصف من شعبان بالقيام، ويومها بالصيام، اتضح لك الفرق، فإنّ هذه وأمثالها مقاصد لا وسائل، والعامل بها إنّما يتديَّن بها على أنّها قربة بذاتها، والحجة قائمة على أنّها ليست من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا بالفعل ولا بالقوة، بل الحجة قائمة على أنّ من هديه صلى الله عليه وآله وسلم تركها بالفعل، وليس هناك ما يقتضي أنّها من هديه بالقوة، بل إنّ الهدي بالقوة إنّما يتصوّر في الوسائل كما تقدم، فأمّا المقاصد الشرعية فكلها من هديه صلى الله عليه وآله وسلم بالفعل، وتحقيق هذا يحتاج إلى إطالة.
• وممّا احتجُّوا به: أنّ في العمل بالضعيف احتياطًا.
والجواب: يا حبذا الاحتياط، فإنّ الشرع يحثّ عليه، وفي القرآن آيات كثيرة تشير إليه، والأحاديث فيه كثيرة، قد ذكرنا بعض ذلك في موضع آخر، وإنّما علينا أن نعرف ما هو الاحتياط، فأقول: محل الاحتياط عند الاشتباه، فينبغي للمكلف حينئذ أن يختار ما لا خطر فيه، أو ما هو أقلّ خطرًا. والحديثُ الضعيف بعد ثبوت ضعفه ليس بحجة، بل قد قدمنا ما يُعْرَف منه أنّ الحجة قائمة على بطلانه.
ثم نقول: لا يخلو الضعيف أن يكون يقتضي فعلاً أو تركًا، فأمّا الأوّل فإنّك إن عملت ما دلّ عليه وقعت في البدعة، وهي حرام أو شرك، كما يأتي تحقيقه ــ إن شاء الله تعالى ــ، وإن تركتَ العملَ به فغاية الأمر أنّ هناك احتمالاً ضعيفًا