قال الأستاذ:«ولكن لا يمكنهم أن يسامحوه، لأنه بروايته الحديث المذكور بطريق أبي حنيفة يثبت أن أبا حنيفة من التابعين حتى عند من لا يكتفي بالمعاصرة أو الرؤية في ذلك، وهذا مما لايمكن مسامحته والصفح عنه ... ».
أقول: لخصمك أن يقول: أنت أحقُّ بالتهمة وأهلُها، بل الأمر أوضح من أن يسمى تهمة. ومع ذلك لو جئت بحجة صحيحة لوجب قبولها، فكيف ترجو أن تُردَّ حججُ الأئمة باتهامك لهم؟
وفي «التأنيب»(ص ١٦٥) بعد الإشارة إلى قول الذهبي في هذا الحديث: «هذا كذب، [١/ ١٧٦] فابن جزء مات بمصر، ولأبي حنيفة ستُّ سنين»، قال الأستاذ:«تغافل الذهبي عن أن في مواليد رجال الصدر الأول ووفياتهم اختلافًا كثيرًا لتقدُّمهم على تدوين كتب الوفيات بمدة كبيرة، فلا يُبَتُّ في أغلب الوفيات برواية أحد النقلة. وها هو أُبيّ بن كعب رضي الله عنه من أشهر الصحابة، اختلفوا في وفاته من سنة ١٨ إلى سنة ٣٢، والذهبي يُصرُّ على أن وفاته سنة ٢٢ في كتبه جميعًا، مع أنه عاش إلى سنة ٣٢، وشارك جمع القرآن في عهد عثمان كما يظهر من طبقات ابن سعد. وأين منزلة ابن جزء من منزلة أُبيّ حتى يُبَتَّ بوفاةٍ تُروى له عن ابن يونس وحده؟ وقد قال الحسن بن علي الغزنوي: إن وفاته سنة ٩٩، كما في «شرح المسند» لعلي القاري، ولعل ذلك هو الصواب في وفاته».
أقول: الجواب من وجوه:
الأول: وقوع الاختلاف في ذلك في الجملة إنما هو بمنزلة وقوعه في