للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله: "يتخير" يعني أنه يرجح بين أقوال المختلفين، ويختار ما رجح دليله.

فصل

قد بسط أهل العلم حجج الإجماع (١)، وينبغي لطالب الحق أن يتدبرها، ثم ينظر إليها مجتمعة، فكم من قضية استُدِلّ عليها بأدلة قد يكون كل واحد منها إنما يفيد ظنًّا ضعيفًا، فإذا عمد العالم إلى دليل منها فخدشَ فيه وطرحه، ثم في الثاني فكذلك، وهكذا؛ أمكنه ذلك فيها كلها. لكن لو نظر إليها مجتمعة لرأى قوة لم يحسبها.

ونظير ذلك: المتواتر إذا كان عن خبر كفار أو فساق مثلًا، فعمدتَ إلى كل فرد منهم فطعنتَ فيه؛ أمكنك ذلك، مع أن المجموع يفيد العلم القطعي.

وينبغي له أن ينظر إلى أمور أخرى:

الأول: قضاء العادة. فإن المجتهدين كانوا كثيرًا، وطلب العلم ونشره كان محروصًا عليه، وفي المثل المشهور "خالِفْ تُذكر"؛ فالناس حريصون على نقل الأقوال الغريبة، ولاسيَّما إذا كانت مستندة إلى حجة قوية.

الثاني: أن هذه الكتب المتداولة بين الناس في هذا العصر هي بالنظر إلى الأدلة جامعة لغالبها.

الثالث: أن الله تبارك وتعالى متكفل بحفظ دينه وشريعته، كما يأتي تقريره إن شاء الله تعالى، ولا يتم حفظ الحجة منها إلا بحفظها حفظًا تقوم به الحجة.


(١) انظر "إرشاد الفحول" (ص ٦٥ وما بعدها).