وعيسى عليهما السلام وأبلغ في تبرئتهما، ولو كان المنفيُّ الحلَّ لأمكن أن يقولوا: أما هما فقد أمرانا بما نحن عليه، وكونه يحل لهما أو لا يحل لا شأن لنا به.
فإن قيل: إن نفي الحلِّ يستلزم نفي الإمكان لعصمة الأنبياء عليهم السلام، فيكون نفي الإمكان بطريقٍ استدلاليٍّ، وهو أبلغ.
قلت: ولكن النصارى لا يعترفون بعصمة الأنبياء عليهم السلام.
[تأليه الأحبار والرهبان]
أخرج ابن جرير وغيره من طريق عبد السلام بن حرب قال: حدثنا غُطيف بن أعين، عن مصعب بن سعد، عن عدي بن حاتم، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي عنقي صليب من ذهب، فقال:"يا عدي، اطرح هذا الوثن من عنقك"، قال: فطرحته، وانتهيت إليه وهو يقرأ في سورة براءة، فقرأ هذه الآية:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، قال: قلت: يا رسول الله، إنا لسنا [٣٩٢] نعبدهم، فقال:"أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ " قال: قلت: بلى، قال:"فتلك عبادتهم"(١).
وأخرجه الترمذي بألفاظ أخرى، ثم قال: "حسن غريب لا نعرفه إلا من
(١) لفظ ابن جرير ١٠/ ٧١. [المؤلف]. وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (ترجمة غُطيف بن أعين) ٧/ ١٠٦. وابن أبي حاتم ٦/ ١٧٨٤، ح ١٠٠٥٧. والطبراني ١٧/ ٩٢، ح ٢١٨ - ٢١٩. والبيهقي، كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ... ، ١٠/ ١١٦. وغيرهم. وانظر: السلسلة الصحيحة ٧/ ٨٦١، ح ٣٢٩٣.