للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الرابع

المقابلة بين الرواية والشهادة

قد تقرر في الشهادة أنه لا يثبت الزنا إلا بأربعة شهود بشرطهم، وفي الدماء ونحوها برجلين بشرطهما، وفي الأموال برجلين أو رجل وامرأتين بشرطهم، واكتفى جماعة فيها برجل ويمين المدعي، واختلفوا في نحو الولادة، فاشترط بعضهم أربع نسوة بشرطهن، واكتفى بعضهم بامرأة واحدة بشرطها.

واستشكل بعضهم التخفيف في الرواية بالاكتفاء بخبر واحدٍ بشرطه: رجلٍ أو امرأةٍ، مع أن القياس عكسه؛ فإن الشهادة إنما تثبت بها قضية واحدةٌ، وأما الراوية فإنها تكون دينًا يُعمل به إلى يوم القيامة، في قضايا لا تحصى. ونقل عن بعض المتكلمين أنه يشترط في الرواية اثنان كما في الشهادة.

والجواب من أوجه:

الأول: أن الزنا ــ مثلًا ــ يتعارض فيه أمران:

الأول: اقتضاء الحكمة للزجر عنه.

الثاني: كراهية أن يُحدَّ من ليس بزانٍ.

فالأول يقتضي أن لا يُشترط في ثبوته القطعُ أو ما يقرب منه؛ لأنه إذا اشتُرِط ذلك لم يكد يقع حدٌّ في الأرض، ولم يحصل مقصود الزجر.

والثاني يقتضي الاحتياط في ثبوته، حتى لا يُحدَّ من ليس بزانٍ. وعلى هذا فقِسْ.