للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى كلِّ حال فلسنا نطالب الأستاذ ولا غيره بالتغاضي عن عيبٍ للشافعيِّ إن وجدوه، ولا على أن يذكروا ما فيه شُبهة ونظر، وإنما نلوم على الاختلاق ومحاولة تقوية ما لا شكّ في أنه اختلاق، والله الهادي.

فصل

قال الأستاذ ص ١٨٧: "وكان (الحسن بن زياد) يأبى الخوض في القياس في مورد النص، كما فعل مع بعض المشاغبين في مسألة القهقهة في الصلاة".

أقول: الحكاية في ترجمة الحسن من "لسان الميزان" (١). وعُذْر الأستاذ بارد، فقد كان يمكن الحسنَ أن يجيب بما عنده من النص ويقول: "لا قياس مع النص". والحقّ أن الحسن أعْرَف من الأستاذ بالمناظرة؛ فرأى أنه إذا أجاب بما ذُكِر وَرَدَ عليه ما لا قِبَل له به، فعمل بقولهم: إن الفرار بقراب أكْيَس (٢).

وقد ذكر الحنفية أن أبا يوسف كان يتبرّم بمناظرة الحسن بن زياد، فقال أبو يوسف يومًا لأصحابه: إذا جاء الحسن فابدأوه بالسؤال، فجاء الحسن فقال: السلام عليكم، ما تقول يا أبا يوسف في كذا؟ وذَكَر مسألةً.

فهذا يدلّ أن الحسن كان ضعيف الاستحضار، ولكنه كان يتحفّظ في بيته بعض المسائل ويراجع وينظر، ويستكثر من الأسئلة والمعارضات،


(١) (٣/ ٤٨ - ٤٩).
(٢) انظر "الصحاح": (١/ ٢٠٠)، و"تاج العروس": (٢/ ٣١٠). و"بقراب" ضُبطت بضم القاف وكسرها. والمعنى: أن نفرّ ونحن بقربٍ من السلامة أكيس من أن نتورط بثباتنا.