فالحافظ ابن حجر لم ينكرها، بل أثبتها في تلك الترجمة. والداهية الدهياء أن يختم الأستاذ عبارته بقوله:«وقانا الله اتباع الهوى»، أفليس هذا أشنع وأفظع وأدلَّ على المكروه من قول شارب الخمر حين يشربها: باسم الله؟!
يقع في ذاك الكتيب ما نقله عنه الأستاذ كما يأتي.
تناسى الناس ذاك الكتيِّب إلا أماني [١/ ٣٩٧] كما سبق، ومضت بعد ذلك قرابة سبعمائة سنة، فينشأ الأستاذ الكوثري، فيُبعثر فظائع أصحابه. علَّق على «انتقاء ابن عبد البر» حيث حكى ابن عبد البر الإجماع على نسب الشافعي قولَه: «ومن زعم أن شافعًا كان مولى لأبي لهب فطلب من عمر أن يجعله من موالي قريش فامتنع، فطلب من عثمان ذلك ففعل؛ فقد بعد عن الصواب وشذَّ عن الجماعة. والتعويلُ عليه من بعض الحنفية والمالكية تعصبٌ بارد، ولهم أن يناقشوه في علمه لا في نسبه».
وغرضه هنالك إنما هو محاولة الخدش في الإجماع الذي ذكره ابن عبد البر، ولكن حاول المواربة! وزعمُه أن بعض الحنفيّة والمالكية عوَّلوا على تلك الفرية فرية أخرى، إنما رمى بها ذاك الحنفيُّ المحترق على المالكيةِ، والمالكيةُ بَراء منها. فإن كان هناك من يسوغ أن يُقال: إنه عوَّل عليها، فهو الكوثري، فقد قضى على نفسه بالتعصب البارد. وذلك أخفُّ ما ينبغي أن يُقضى عليه به!
وقال في «التأنيب» ص ١٠٠ فما بعدها عند ذكر الموالي: «حتى إن الشافعي منهم عند أهل العلم (؟)»، وعلَّق عليه في الحاشية مقالة ذاك الحنفي ثم قال:«ومنهم من يعدُّه في عِداد موالي عثمان كما في «التعليم» لمسعود بن شيبة»، وقد علمت حال هذين. ثم قال: «وكان الشافعي يعضُّه فقرٌ مدقع في