للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النطق من قائليه طوعًا ولا يكذِّبوا أنفسهم فيه إذا خلا بعضهم إلى بعض. ثم يقولون: إن المنافقين الذين كانوا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا ينطقون تقيةً ويكذبون أنفسهم إذا خلوا، فهذا هو النفاق. فأما من يقول طوعًا ولا يكذب نفسه إذا خلا، فهو مؤمن وإن كان في نفسه شاكًّا مرتابًا، بناءً على جحدِهم اشتراطَ الاعتقاد في الإيمان. وأهل السنة يقولون: هذا نفاق، إذ شرط الإيمانُ عندهم الاعتقاد.

وبالجملة، فلا أرى عاقلًا لقوله يقول: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، إلا على أحد أوجه:

الأول: أن يكون يخصُّ لفظَ الإيمان القلبي بالتصديق الذي لا يعتدُّ بما دونه، فهو بمنزلة النصاب. فكما أن نصاب الذهب في حق الأغنياء بالذهب واحد لا يزيد ولا ينقص وإن تفاوتوا في الغنى بالذهب، فكذلك يقول هذا: إن الإيمان الذي هو نصاب التصديق لا يزيد ولا ينقص، وإن تفاوت الخلق في التصديق. أو قل: إنه بمنزلة زكاة الفطر، وهي صاع لا يزيد ولا ينقص، وإن كان من الناس من يعطي صاعين أو مائةً أو ألفًا أو أكثر من ذلك.

الثاني: أن يكون عنده أن الإيمان قول فقط. وهذا إن فسَّر القول بالشهادتين وقال: إنه لا يكفي للنجاة، فهو قول الكرامية. وإن فسَّره بهما وقال: إنه يكفي، فهو قول غلاة المرجئة. وإن فسَّره بالاعتراف اللساني بربوبية الله عز وجل، وقال: إنه لا يكفي للنجاة ولجريان أحكام الإسلام، فهو قريب من الأول. وإن قال: إنه يكفي لذلك فهو أشدُّ من قول غلاة المرجئة.

[٢/ ٣٧٣] الثالث: أن يزعم أن الإيمان هو القول والاعتقاد الذي لا يقينَ فوقه. ولا أرى هذا إلا قاضيًا على نفسه وغالب الناس بعدم الإيمان. والله المستعان.