للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الآلوسي (١) في الآية [ص ٣١] أوجهًا، أولاها بالصواب أن أصل الكلام: شيئًا من عذاب الله، فقوله: "من عذاب الله" في الأصل نعت لقوله: {شَيْئًا}، ولكن تقدم النعت فكان حالاً (٢).

هذا، وقد تُفسَّر "أغنى" في الضرب الثاني بقولهم: دفع، كفّ، صرف، أبعد؛ تُحْمل؛ بحسب اختلاف المواضع. وهذه كلُّها تُبقي الكلام على نظمه.

وقد تفسر بقولهم: "كفى"، وهذه تغيّر نظم الكلام. وكذلك "نفع".

وأرى أن كلمة "دفع" تصلح في جميع المواضع، وهي الموافقة لما قدمت في الأساس، وإن كان غيرها في بعض المواضع أنسب منها.

وكذلك كلمة "كفى" تصلح، ولكنها تُغيِّر نظم الكلام، وتُوقع في اشتباه المعنى.

فأما قوله تعالى (١٠/ ٣١): {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} إلى قوله (١٠/ ٣٦): {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (٣) فقد تقدّم عن الكشاف أن المعنى: إن الظن لا يغني بدلَ الحقِّ إغناءً ما. ويفسر الحقّ


(١) "روح المعاني" (٣/ ٩٣).
(٢) انظر: "البحر المحيط" (٣/ ٣٥). و"شيئًا" في هذا الوجه مفعول به، و"من" للتبعيض.
(٣) وانظر الكلام على الآية في "الأنوار الكاشفة" للمؤلف (ص ٣٣٦).