للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومقرِّبة إليه، فكانوا يعبدون الكواكب على أنها أحياء تنفعهم فيما يدخل تحت تدبيرها، وتشفع لهم إلى الله عزَّ وجلَّ في غير ذلك.

قال صاحب التفسير المذكور (١): "وقصارى الأمر وحماداه (٢) أن هؤلاء الصابئين كانوا أوَّلًا يعبدون الله، ولله ملائكة موكَّلون بالكواكب، فالله هو المعبود، والملائكة يعملون [س ٩٠/أ] بأمره، والكواكب كأنها أجسام تلك الأرواح، فعبادة الملك يتقربون بها إلى الله، والكوكب حجابه أو جسمه أو نحو ذلك، فهو رمزه، والتماثيل في الأرض مذكِّرات بالكواكب إذا غابت عنهم؛ إذًا العبادة (٣) في نظرهم كلها راجعات إلى الله كما قال تعالى: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: ٣] , فإذا عبدوا زُحَلًا (٤) أو المشتري فقد أرادوا بذلك أنهما ملكان ثم اعتبروا الكواكب ثم التماثيل. اهـ.

وبَعَثَه على هذا القول أن القوم كانوا يعترفون بالله عزَّ وجلَّ، واسمه عندهم: (إل) (٥).

وقد جاء عن السلف أن (إيل) بالسريانيَّة ــ وهي لغة القوم ــ اسمٌ لله عزَّ وجلَّ. وجاء عن ابن عبَّاسٍ أن معناه: الرحمن (٦). وربما يساعد هذا قولُ [س ٩٠/ب] إبراهيم عليه السلام لأبيه: {يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ


(١) ١٠/ ٢٠٨. [المؤلف]
(٢) قصارى الأمر وحماداه: غايته. انظر: القاموس المحيط: ٣٥٥.
(٣) كذا في الأصل، ونقله المؤلف في موضع آخر بلفظ الجمع، وهو الصواب.
(٤) كذا في الأصل.
(٥) ذكره [طنطاوي جوهري] في [تفسيره الجواهر، ج ١٠] ص ٢٠٥. [المؤلف]
(٦) انظر ما سيأتي ص ٦٧٨.