أما العقيدة فذكروا أن ابن برهان كان معتزليًّا، ولا أدري ما الذي كان يوافق فيه المعتزلة. فأما قوله بأن الكفار لا يخلدون في العذاب، فهي مسألة مشهورة. ولو رأى علماء بغداد أن قول ابن برهان فيها مُخرج عن [١/ ٣٣٦] الإسلام لسعوا في إقامة الحدِّ عليه، فما بالهم أعرضوا عن ذلك، وكانوا يُجِلُّون ابن برهان ويحترمونه؟
نعم، ابن برهان لم يوثقه أحد فيما نعلم، ومن المحتمل أنه كان يهِم فيما يرويه من الحكايات أو يبني على الظن، فحقُّه أن لا تقوم الحجة بما ينفرد به، ولكنه يُذكر في المتابعات والشواهد كما صنع الخطيب. والله الموفق.
١٥٠ - عبد الوارث بن سعيد أبو عبيدة التنُّوري:
في «تاريخ بغداد»(١٣/ ٣٨٨ [٤٠٣ - ٤٠٤]) عنه حكايتان في ردِّ أبي حنيفة حديثَ «أفطر الحاجم والمحجوم» بقوله: «هذا سجع»، وردِّه قولًا لعمر بن الخطاب في الولاء بقوله:«هذا قول شيطان».
قال الأستاذ في حاشية (ص ٨١): «قدريّ كما ذكره الخطيب في «الكفاية»، وقدرية البصرة في غاية من الانحراف عن أبي حنيفة لكثرة هبوطه البصرة للردِّ عليهم في مبدأ أمره».
أقول: هبوط أبي حنيفة البصرة للمخاصمة في القَدَر لم يثبت. وقول عبد الوارث بالقَدَر في ثبوته نظر، قال ابنه عبد الصمد ــ وهو من الثقات الأثبات ــ:«إنه لمكذوب على أبي، وما سمعت منه يقول قطُّ في القَدَر وكلامِ عمرِو بن عبيد»(١). فإن كان في نفسه منه شيء، فلم يكن يرى خلافه