للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسألة

اختلف الناس في البسملة، فقال بعضهم: هي آية من الفاتحة. وقال بعضهم: ليست من نفس السورة، وإنما هي آية نزلت للفصل بين السور.

وتفصيلُ الأقوال وحججها (١) وبيانُ الراجح منها، له موضع آخر. وإنما أذكر هنا الحجج التي من نفس النظم الكريم، فأقول:

مما احتج به النفاة على أنها ليست آية من الفاتحة بأنها لو كانت منها لكان الظاهر أن يقال: "والحمد لله رب العالمين" بالعطف؛ وبأن فيها "الرحمن الرحيم"، ثم جاء هذان الاسمان في الفاتحة. ومثل هذا التكرار إنما يقع في السورة الواحدة بعد فصلٍ بكلام تكون فيه مناسبة لذلك.

فأما الحجة الأولى فليست بقائمة؛ لأنَّ للوصل شروطًا لم تجتمع هنا، واذكر قول الله عزَّ وجلَّ: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [المؤمن: ٦٥] (٢)، وقوله فيما أخبر به من دعاء إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٣٨) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي} الآية [سورة إبراهيم: ٣٨ ــ ٣٩] (٣)، وقوله تعالى فيما أخبر به عن بلقيس: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: ٢٩ ــ ٣١].


(١) في الأصل: "حجاجها"، وكذلك فيما بعد: "الحجاج التي". وهو من سبق القلم.
(٢) تخريج الآية من المصنف. والمقصود سورة غافر، وكذا اسمها في المصاحف الهندية.
(٣) هذا التخريج أيضًا من المصنف.