للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٣٣] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

العدالة مباحثها مستوفاة في كتب الفقه ومصطلح الحديث، وقد نظرتُ في عدة من كتب الجرح والتعديل، فرأيتُ تصريحَ الأئمة بالجرح بالمعاصي قليلًا، وإنما أقصد في رسالتي هذه قَصْد ما تكثر الحاجة إليه، مع الحاجة إلى تحقيقه.

فمن ذلك: البدع التي لا يُحْكَم بكفر أصحابها؛ فقيل: جرح مطلقًا.

وقيل: جرح إذا كان صاحبها داعيةً، يدعوا الناسَ إلى بدعته.

وقيل: ليست بجرح مطلقًا، ولكن لا يقبل من صاحبها ما يرويه مما يوافق بدعته لمكان التهمة.

وقيل: ليست بجرح، ويقبل من صاحبها ما رواه، وإن وافق هواه.

أقول: [الذي] (١) ينبغي اختياره أن المدار على قوَّة التهمة، فالرواة على طبقات:

الأولى: من اشتهر بالثقة والصدق والأمانة، وكثر ثناء أهل العلم عليه.

فهذا ينبغي أن يُقْبل منه كلّ ما روى، وإن كان له هوًى يدعو إليه، وروى ما يوافقه، وذلك أن الذي يغلب على الظن في مثله (٢) أنه إنما يدعو لاعتقاده أنه يدعو إلى حقّ، وأنه صادق فيما رواه مما يوافق هواه، وهو من جملة ما أداه إلى ذلك الهوى.


(١) زيادة يستقيم بها السياق.
(٢) الأصل: "مثل" سهو.