للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعالم محتاج إلى جميع كتب الرجال؛ لأنّه يجد في كلٍّ منها ما لا يجد في غيره، وإن لم يكن عنده إلا بعضها فكثيرًا ما يبقى بحسرته، وكثيرًا ما يقع في الخطأ.

زعم بعض علماء العصر أنّ الحديث الذي في "صحيح مسلم" (١) عن أبي وائل، عن أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام (٢) في تسوية القبور ضعيفٌ؛ لأنّ أبا وائل هو عبد الله بن بَحِير بن ريسان القاصّ قد جرّحه العلماء. كأنّ هذا العالم نظر في فصل الكنى من "الميزان"، وليس فيه أبو وائل إلا واحد، هو عبد الله بن بَحِير، فرجع إلى ترجمته من "الميزان" ونقل كلام الأئمة فيه، ولم ينظر أنّه ليس عليه علامة مسلم! والحديث في "صحيح مسلم" كما عُلِم، وإنّما عليه علامة أبي داود والترمذي وابن ماجه، ولا نظر أنّه لم يذكر لعبد الله بن بحير رواية إلاّ عن أوساط التابعين، وأبو وائل الذي في الحديث يرويه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام!

ولو ظفر هذا العالم بـ "التقريب" أو "الخلاصة" أو "تهذيب التهذيب" لوجد في فصل الكنى أبا وائل آخر، هو: شقيق بن سلمة، تابعيٌّ كبير مخضرم، روى عن الخلفاء الأربعة وغيرهم، وأخرج له البخاري ومسلم وغيرهما. واتفق الأئمة على توثيقه، ولذلك لم يذكر في "الميزان" لأنّ "الميزان" خاصٌّ بمن تُكلِّم فيه.


(١) (٩٦٩).
(٢) هكذا في رواية، وفي أخرى: "عن أبي وائل، عن أبي الهياج، عن علي". وأرى كليهما صحيحًا. [المؤلف].