غيرهما. هذا جميع ما لعنبسة في «الصحيحين» كما يُعْلَم من ترجمته في كتاب «الجمع بين رجال الصحيحين»(١)، ومعنى هذا أنهما لم يحتجَّا به ولا أحدهما. فأما الذين وثَّقوه فإنهم تتبَّعوا أحاديثه فوجدوها معروفة من رواية غيره من الثقات، ولم يثبت عليه جرح بَيِّن.
أما مجالسته للحجَّاج [ص ٢٠٤] فليست بجرح بَيِّن؛ إذ قد يجالسه ولا يَشْرَكه في ظلمه بل يحرص على ردّ ظلمه ما استطاع، ويرى أن استمراره على ذلك أنفع للدين وللمسلمين من مباينته له، وقد كان نبيّ الله يوسف عاملًا للمشركين بمصر والملك فيهم، ولم يكن يستطيع أن يحكم بخلاف دينهم بدليل قول الله عزوجل:{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ}[يوسف: ٧٦]، وإنما كان ــ عليه السلام ــ يُعينهم على ما ليس بكفر ولا محرَّم عليه، فإذا جاء ما هو كفر أو محرَّم ولم يمكنه أن يصرفه تركه لهم، وقد أنذرهم بلُطْف وأَذِنَ الله تعالى أن يبقى معهم لِمَا عَلِم في ذلك من المصلحة.
قال:(وروى البخاري لمروان بن الحكم).
أقول: اعتبر البخاريُّ أحاديثَ مروان فوجدها مستقيمة معروفة، لها متابعات وشواهد، ووجد أنَّ أهل عصر مروان كانوا يثقون بصدقه في الحديث، حتى روى عنه سهل بن سعد الساعدي وهو صحابي، وروى عنه زينُ العابدين عليُّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب. بقي عدالته في سيرته، فلعلّ البخاريَّ لم يثبت عنده ما يقطع بأن مروان ارتكب ما يخلّ بها غير متأوِّل.