كان الشيخ المعلمي رحمه الله من العلماء المحققين بالمعنى الحقيقي للكلمة، ومن الطراز الأول من المحققين بمعناها الاصطلاحي المحدَث، فهو من طبقة الأستاذ عبد العزيز الميمني والشيخ أحمد شاكر والأستاذ محمود شاكر رحمهم الله.
وقد مارس الشيخ هذه الصناعة أكثر من خمس وعشرين سنة في دائرة المعارف العثمانية بحيدراباد، ولم ينقطع عنها بعد عودته إلى الحجاز واستقراره في مكتبة الحرم المكي الشريف. وآخر ما حققه الجزء السادس من كتاب الإكمال لابن ماكولا، والجزء السادس أيضًا من كتاب الأنساب للسمعاني، وذلك قبل وفاته سنة ١٣٨٦ هـ. فهذه نحو ٤١ سنة سلخها الشيخ المعلمي في البحث والتحقيق، وأخرج كتبًا جليلة من كتب الحديث والرجال ذوات المجلدات، منها:"التاريخ الكبير" للإمام البخاري، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، و"الإكمال" لابن ماكولا، و"الأنساب" للسمعاني. وتحقيق هذا الصنف من الكتب أصعب ما يكون، فإنها معقودة على أسماء الرجال وكناهم وألقابهم وأنسابهم، مما لا يدخل فيه القياس، ولا يعين على معرفته السياق. وقد أبان الشيخ في تحقيقه لها عن علم غزير، ونظر ثاقب، وخبرة فائقة، وإتقان بالغ.
وكان الشيخ عالمًا متفننًا كالعلماء السابقين ولكن العلم الذي برّز فيه خصوصًا هو علم الحديث والرجال. وفن التحقيق أصلًا من فنون علم الحديث، فالمحدِّثون هم الذين أسسوا قواعده وشيّدوا أركانه. ومارس الشيخ هذا الفن في مؤسسة عريقة قامت لنشر أمهات كتب الإسلام، ولها