للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطَّأوه، سواء كان ذلك فيما يسوؤهم أم فيما يعجبهم. وأما مَن كان كذَّابًا أو متَّهمًا أو مغفَّلًا أو مجهولًا أو نحو ذلك فإنهم لا يحتجّون بروايته.

ومن هؤلاء جماعة كثيرة (١) قد رووا عنهم في كتب التفسير، وكثير من كتب الحديث والسِّيَر والمناقب والفضائل والتاريخ والأدب، وليست روايتهم عنهم تصديقًا لهم وإنما هي على سبيل التقييد والاعتبار، فإذا جاء دور النقد جَرَوا على ما عرفوه، فما ثبت مما (٢) رواه هؤلاء برواية غيرهم من أهل الصدق قبلوه، وما لم يثبت فإنْ كان مما يقرُبُ وقوعه لم يروا بذكره بأسًا وإن لم يكن حجة، وإن كان مما يُسْتَبعْد أنكروه، فإن اشتدَّ البُعْد كذَّبوه. وهذا التفصيل هو الحقّ المعقول، ومعلوم أنّ الكذوب قد يصدُق، فإذا صدَّقناه حيث عرفنا صدقه واستأنسنا بخبره حيث يقرُب صدقُه لم يكن علينا ــ بل لم يكن لنا ــ أن نصدّقه حيث لم يتبيَّنْ لنا صدقه، فكيف إذا تبيَّنَ لنا كذبه؟

أما القواعد النظرية قديمها وحديثها فحقُّها أن تضاف ــ كما أشار إليه الدكتور ــ إلى القواعد السَّنَدية بعد دراسة الناقد لهذه دراسة وافية وإيفائها حقَّها. فأما الاقتصار على القواعد النظرية أو ترجيح غير القطعي الحقيقي منها على رواية الثقات الأثبات، أو الاستدلال به على صدق الحكايات الواهية فضرره أكثر من نفعه.

كثيرًا ما يبلغنا حدوثُ حادثةٍ في عصرنا هذا فنرى صحتها؛ لأننا نرى أن الأسباب تستدعيها وتكاد توجب وقوعَها، ثم يتبيّن أنها لم تقع. وتبلغنا واقعة فنرتاب فيها ونكاد نجزم بتكذيبها، ثم يتبيَّن أنها وقعت.


(١) (ط): «كثير».
(٢) (ط): «عما».