للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجازيين [٢/ ٩] في الماء أحسنُ من قولنا، وقولنا فيه خطأ". وقال في موضع آخر (١): "فقال: ما أحْسَنَ قولَكم في الماء! ".

أقول: فانحصر الحق في المذهبين الأولين، وسقط ما يخالفهما.

وأما الأمر الثاني، وهو الاضطراب في روايات ذاك الحديث، فالاضطراب الضارُّ أن يكون الحديث حجةً على أحد الوجهين مثلًا دون الآخر، ولا يتجه الجمع ولا الترجيح، أو يكثر الاضطراب ويشتدُّ بحيث يدل أن الراوي المضطرب الذي مدار الحديث عليه لم يَضبط. وليس الأمر في هذا الحديث كذلك، كما يُعلم من مراجعة "سنن الدارقطني"، و"المستدرك"، و"سنن البيهقي" (٢).

وأما الأمر الثالث، وهو قول الأستاذ: "ولم يقُلْ بتصحيحه إلا المتساهلون"، ففيه مجازفة. فقد صحَّحه الشافعي (٣)، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه (٤)، وأبو عبيد القاسم بن سلام (٥). وحكى الشافعي عن مناظره من الحنفية ــ ويظهر أنه محمد بن الحسن ــ أنه اعترف بثبوته، كما


(١) المصدر السابق (١٠/ ٩٣).
(٢) انظر "سنن" الدارقطني (١/ ١٧، ١٨) و"المستدرك" (١/ ١٣٣) والبيهقي (١/ ٢٦٠ - ٢٦٢). وراجع "التلخيص الحبير" (١/ ٢٩ وما بعدها) وتعليق أحمد شاكر على الترمذي (١/ ٩٧ - ٩٩).
(٣) في "اختلاف الحديث" من كتاب "الأم" (١٠/ ٨٩).
(٤) نقل الترمذي (٦٧) أقوال هؤلاء العلماء الذين أخذوا بهذا الحديث، وهذا يشير إلى صحته عندهم وعنده، كما ذكر ذلك أحمد شاكر في شرح الترمذي (١/ ٩٨).
(٥) انظر كتاب "الطهور" له (ص ١٣٣).