للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣١)

[ل ٣٦/أ] الحمدُ لله الذي أغنانا بالحلالِ عن الحرام، وجعَلَ لنا من المباح ما يكفينا عن موارد الآثام، فأباحَ لنا ما يقوم بحاجتنا وزيادة، ليكون سببَ الاعتصام. وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له في مُلكه وملكوته، ولا شبيهَ له في ذاته وصفاته وجبروته، شهادةً أكون بها من الذين يقال لهم: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} [الحجر: ٤٦، ق: ٣٤].

وأشهد أنَّ سيِّدَنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه إلى جميع خلقِه، والهادي إلى سبيل رضوانه ومنهاج حقِّه، قام بتبليغِ الرسالة وإقامةِ الحجة أتمَّ القيام. اللهم فصلِّ وسلِّمْ على نبيِّك محمدٍ ذي الخُلُق العظيم، وعلى آله الذين هديتَهم إلى الصراط المستقيم، وعلى أصحابه الذين أبلَغُوا كتابَك وسنَّتَه، والتابعين بإحسان إلى يوم القيام.

أما بعد، فيا عبادَ الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ فإنَّما خُلِقَ الكونُ لأجلها، وإنَّها زادُ المعادِ والباقيةُ من الدنيا كلِّها، فعليكم بها، فإنها سببُ الفضل والإنعام. وإيَّاكم والمعاصيَ، فإنَّها لذةُ لحظةٍ يعقُبها ندمٌ دائمٌ، وراحةُ ساعةٍ يُجازَى عليها بتعب وعظائم، وعذابٍ لا تقوى عليه الأجسام.

وإيَّاكم والشُّبَهَ، فإنَّ النفوسَ توَّاقةٌ إلى اللذَّات والشَّهَوات، فإن جُوهدتْ عن الصغائر قنِعتْ عن الكبائر الموبقات، وإن سومحتْ عن الشُّبهاتِ وقعتْ في الحرام. فجاهِدوا ــ عبادَ الله ــ نفوسَكم حقَّ المجاهدة، وعاهدوها بالتحرُّزِ أشدَّ المعاهدة؛ فإنَّ عُراها سريعة الانفصام.

وعليكم بالفرائض، فإنَّها أساسُ الدِّين. وإيَّاكم وتركَ السُّنَن، فإنَّها