للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرق بينها وبين الكذب عمدًا ــ وذلك في الصورتين الأخريين ــ بالقرينة.

[الفرق بين المجاز والكذب]

أجمعوا على أنه لابد للمجاز من علاقة وقرينة، وإنما اختلفوا في القرينة: أركن هي أم شرط؟

ولا ريب أن الخبر إذا كان فيه مجازٌ صحيح العلاقة، ظاهر القرينة= يكون المعنى الظاهر الراجح منه هو المعنى المجازي، فإذا كان المعنى المجازي هو الواقع؛ فالخبر صدق حتمًا.

والنظر هنا في أمور:

الأول: إذا تجوَّز المخبر في نفسه ولم ينصب قرينة، فلا ريب أن ذلك لا يكون مجازًا؛ لفقد القرينة التي هي ركن أو شرط، وهل يكون حينئذٍ كذبًا؟

لا ريب أنه عند فقد القرينة يكون المعنى الظاهر الراجح غير المعنى المجازي، وأنه إذا كان ذاك الظاهر الواضح غير مطابق للواقع كان الخبر كذبًا، وقد ذكر علماء البيان في بحث الاستعارة أنها مجاز علاقته المشابهة، وأنها مبنية على دعوى دخول المشبه في جنس المشبه به، وأن هذه الدعوى مبنية على تأويلٍ، وهو جعل أفراد المشبه به نوعين، على ما هو مشروح في كتب البيان.

وبعد أن ذكر السكاكي في «المفتاح» ذلك، ذكر (١) أن الاستعارة تفارق


(١) راجع للنقول الآتية: «فيض الفتاح» (ج ٤/ص ١٥١ وما بعدها).