تقدّم قول أبي زرعة وتوهيمه للبخاري في مواضع، وجمع ابن أبي حاتم لذلك، واعتراض الخطيب عليه، وتصدي الخطيب أول كتابه هذا لما تصدى له، وأَخْذي عليه في ذلك، وهناك حقائق تبين الواقع، رأيت أن أعرضها هنا إجمالاً، ثمّ أنبه على ذلك في التعليقات.
من اللطائف أنّ "تاريخ البخاري" مثلث من ثلاث جهات:
الأولى: في "مقدمة فتح الباري" عنه: "لو نُشِر بعض أستاذيّ هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت التاريخ" ثم قال: "صنفته ثلاث مرات"، ومعنى هذا أنّه بدأ فقيّد التراجم بغير ترتيب، ثم كرّ عليها فرتبها على الحروف، ثم عاد فرتّب تراجم كل حرف على الأسماء، باب إبراهيم، باب إسماعيل إلخ.
هذا هو الذي التزمه، ويزيد في الأسماء التي تكثر مثل محمد وإبراهيم فيرتب تراجم كل اسم على ترتيب الحروف الأوائل لأسماء الآباء ونحوها.
الجهة الثانية: في "مقدمة الفتح" أيضًا عنه: "صنّفت جميع كتبي ثلاث مرات"، يعني ــ والله أعلم ــ أنّه يصنّف الكتاب ويخرجه للناس، ثمّ يأخذ يزيد في نسخته ويصلح، ثم يخرجه مرة ثانية، ثم يعود يزيد ويصلح حتى يخرجه الثالثة. وهذا ثابتٌ للتاريخ كما يأتي.
الجهة الثالثة: أنّ له ثلاثة تواريخ؛ "الكبير"، وقد طبع في دائرة المعارف العثمانية بحيدراباد الدكن في الهند، طبع منه أولاً ما عدا الربع الثالث، ثم