فمن تلك الأمور: التقليد، وقد دلَّ الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم أن التقليد في أصول العقائد لا يكفي، ومعرفة معنى (لا إله إلا الله) أصل الأصول.
أما دلالة القرآن، فقد تقدَّم أدلَّة اشتراط العلم (١)، وفيها قوله تعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: ١٩]، وقوله عزَّ وجلَّ:{إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[الزخرف: ٨٦]، وما قاله ابن جريرٍ في تفسيرها، وما رواه عن مجاهدٍ وقتادة.
والتقليد ليس بعلمٍ؛ لأن العلم عند أهله هو: حكم الذهن [ب ٢٨] الجازم المطابق؛ لموجبٍ، أي لحجَّةٍ قاطعةٍ.
قالوا: خرج بقوله: (لموجِبٍ) اعتقاد المقلِّد ونحوه؛ فإنه قد يكون جازمًا ومطابقًا، ولكنه ليس لحجَّةٍ قاطعةٍ.
أقول: فالاعتقاد ضربٌ من الظنِّ، وقد ردَّ الله عزَّ وجلَّ على المشركين ما كانوا يعتقدونه، ثم قال:{وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦]، في آياتٍ أخرى بهذا المعنى. قال جماعةٌ من أهل العلم: هذه الآيات واردةٌ فيما يُطلَب فيه العلم كالعقائد، فأما فروع الأحكام العمليَّة فقد ثبت بالحجج القطعيَّة وجوب العمل فيها بأنواعٍ من الظنِّ، كالظنِّ