الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبده ورسوله.
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
أما بعد، فهذه ــ إن شاء الله تعالى ــ رسالة في معرفة الحديث، أتوخّى فيها تحريرَ المطالب، وتقرير الأدلة، وأتتبع مذاهبَ أئمة الجرح والتعديل فيها؛ ليتحرَّر بذلك ما تعطيه كلماتُهم في الرواة.
فإنّ منهم من لا يطلق "ثقة" إلا على مَن كان في الدرجة العُليا مِن العدالة والضبط، ومنهم مَن يطلقها على كلّ عدلٍ ضابط وإن لم يكن في الدرجة العليا، ومنهم من يطلقها على العدل وإن لم يكن ضابطًا، ومنهم مَن يطلقها على المجهول الذي روى حديثًا واحدًا قد تُوبع عليه، ومنهم مَن يطلقها على المجهول الذي روى حديثًا له شاهد، ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى حديثًا لم يستنكره هو، ومنهم من يطلقها على المجهول الذي روى عنه ثقة، إلى غير ذلك مما يأتي إن شاء الله تعالى.
[ص ٢] وهم ــ مع ذلك ــ مختلفون في الاستدلال على أحوال الرواة؛ فمنهم المبالغ في التثبُّت، ومنهم المسامح. ومَنْ لم يعرف مذهب الإمام منهم ومنزلته من التثبُّت لم يعرف ما تعطيه كلمتُه، وحينئذٍ فإما أن يتوقَّف،