للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب [من قال]: لا يقطع الصلاة شيء (١)

«وقد اختلف العلماء في العمل بهذه الأحاديث، فمال الطحاوي وغيره إلى أن حديث أبي ذر (٢) وما وافقه منسوخ بحديث عائشة (٣) وغيرها، وتُعقِّب بأن النسخ لا يُصار إليه إلا إذا عُلم التاريخ وتعذَّر الجمع، والتاريخ هنا لم يتحقق والجمع لم يتعذر. ومال الشافعي وغيره إلى تأويل القطع في حديث أبي ذر بأن المراد به نقص الخشوع لا الخروج من الصلاة، ويؤيد ذلك أن الصحابي راوي الحديث سأل عن الحكمة في التقييد بالأسود فأجيب بأنه شيطان. وقد علم أن الشيطان لو مر بين يدي المصلي لم تفسد صلاته كما سيأتي في «الصحيح» (٤): «إذا ثوِّب بالصلاة أدبر الشيطان، فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه» الحديث، وسيأتي في باب العمل في الصلاة حديث: «إن الشيطان عرض لي فشد عليَّ» (٥) الحديث.


(١) «فتح الباري» (١/ ٥٨٩).
(٢) بلفظ: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار والمرأة والكلب الأسود». أخرجه مسلم (٥١٠) وغيره.
(٣) وهو حديث الباب برقم (٥١٤) ولفظه: «عن عائشة: ذكر عندها ما يقطع الصلاة ــ الكلب والحمار والمرأة ــ فقالت: شبَّهتمونا بالحمر والكلاب! والله لقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وإني على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدو لي الحاجة فأكره أن أجلس فأوذي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنسلُّ من عند رجليه».
(٤) برقم (٦٠٨).
(٥) برقم (١٢١٠) من حديث أبي هريرة.