للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الشهود، مع أنه ليس هناك فرق كبير بين رجلين ورجل وامرأتين.

وإنما لم تُقبل شهادة النساء في الزنا والقتل ونحوه لقلة تثبتهن، وسرعة تأثرهن، وغير ذلك مما عبِّر عنه في الحديث بنقص عقولهن.

فأما الاكتفاء بشاهد ويمين المدعي فمختلف فيه، إلا أن ما عورض به الدليل على ذلك يختص بما إذا كان أحد الخصمين مدّعيًا والآخر منكرًا، فأما إذا تداعيا شيئًا ليس في يد أحدهما، فأقام أحدهما شاهدًا وأراد أن يحلف معه فالحكم بذلك قوي جدًّا.

فأما الرواية فالحاجة داعية إلى معرفة الحكم الشرعي للعمل به، وهذا يقتضي التوسعة في ما يُعرَف به. وعارض ذلك خشيةُ غلطِ الراوي، أو أن يكون في نفس الأمر بخلاف ما ظهر من عدالته، فيُخشى من التوسعة أن يدخل في الدين ما ليس منه، ويُخشى من التشديد أن يتعذر على كثير من الناس ثبوت الحكم الشرعي، فيلزمه الحكم بخلافه أو التوقف. والموازنة بين هذين مما يصعب على الناظر، فلا يسعُه إلا أن يَكِلَ الأمر إلى عالم الغيب والشهادة الحكيم الخبير.

[ص ١١] الوجه الثاني: أن العارف إذا نظر وتدبر تبين له أن الظن الحاصل بخبر الثقة الواحد الذي يقبله أئمة الحديث لا ينقص عن الظن الحاصل بشهادة العدلين التي تقضي بها الحكّام، بل لعله أقوى منه، وذلك لأمور:

الأول: أن الدواعي إلى الكذب أو التساهل في الحديث أقلُّ وجودًا وأضعف تأثيرًا في النفوس، ولاسيما نفوس من جمع شرائط القبول، بخلاف الدواعي إلى الكذب أو التساهل في الشهادة، فإنها كثيرة الوجود