للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُخْرِج الكلام عن الكذب، كما تقدم.

قالوا: هناك قرينةٌ أخرى، وهي قول الله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، وقوله عزَّ وجلَّ: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٤].

قيل لهم: هاتان الآيتان غير ظاهرتين في المعنى الذي تريدون.

أمَّا الأول: فلو قلتَ لرجلٍ: "عندي شيء ليس كمثله شيءٌ" لَمَا فهم أنَّه ليس في الكون ما يشبهه من بعض الوجوه، وإنَّما يفهم أنَّه ليس كمثله من جميع الوجوه شيءٌ. وقريبٌ من هذا يُقال في الآية الثانية.

فكيف يجوز أن يُكْتَفى في هذا المطلب العظيم بقرينةٍ ظاهرها أنَّها ليست بقرينة؟!

وفوق هذا: فقد تقرَّر في الأصول أنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، والحاجةُ في النُّصوص الاعتقادية هي وقت الخطاب، فلو كان المراد جعل هاتين الآيتين قرينةً لوجب قَرْنُهُما، أو إحداهما، أو ما يقوم مقامهما بكلِّ آيةٍ أو حديثٍ يتعلَّق بالصفات، وإلَّا لزم الكذب.

فإن قالوا: إذا سمع الإنسان القرينة الواضحة أوّلًا أغنى ذلك عن إعادتها مع كل آيةٍ من آيات الصفات.

قيل لهم: بعد فرض تسليم الوضوح لم يكن العمل على هذا، أي: أن لا يتلو النَّبي - صلى الله عليه وآله وسلم - شيئًا من آيات الصفات على أحدٍ حتى يتلو [عليه (١)] الآيتين


(١) في الأصل: "عليهما".