للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُرْسِيِّهِ} منه {جَسَدًا} وذلك لشدة المرض، والعرب تقول في المريض: إنه

لحم على وَضَم، وجسم بلا روح، {ثُمَّ أَنَابَ} أي: رجع إلى حال الصحة.

ذكره الرازي في "تفسيره" (١) ولم ينسبه، وفي "روح المعاني" (٢) أنه يُروى عن أبي مسلم. والرازي كثيرًا ما يأخذ عن أبي مسلم هذا.

[تمحيص]

هذا ما ظفرت به من الأقوال، ولو كان الحديث المتقدم في القول الثاني أشار إلى أنه في هذه القصة، أو كان انطباقه عليها ظاهرًا، لوجب الوقوف عنده، لكن ليس فيه إشارة، ولا هو ظاهر الانطباق على القصة، بل يحتاج حملها عليه إلى تعسُّف.

وأما القول الثالث فحَدْس محض، وهو مع ذلك متعسف.

بقي القول الأول، وقد طعن فيه المتأخرون بأنه مأخوذ عن أهل الكتاب، وأن في تلك القصص شناعات وتناقضات في بعض الجزئيات، وقد صدقوا، ولكن ذلك لا يمنع من قوة ما اتفقت عليه الروايات القوية، ولم يكن فيه شناعة، وكان ظاهر الانطباق على الآية.

وحكاية نفرٍ من السلف له تدل على أنهم لم ينكروه، وعدم إنكارهم له أقوى في النفس من حَدْس النقاش وأبي مسلم، وموافقة مَن وافقهما.

فعلى هذا الأساس يمكن أن يقال: لعله جرى من سليمان عليه السلام


(١) "مفاتيح الغيب" (٢٦/ ٢٠٩).
(٢) (٢٣/ ١٩٩).