للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيره مستحق أن يخضع

له طلبًا للنفع الغيبي، فتلك تسويةٌ له بربِّ العالمين، فاعلم ذلك.

وقد أقمت ــ بحمد الله تبارك وتعالى ــ البراهين على هذا التفصيل في "رسالة العبادة" (١). وإذا يسَّر الله تبارك وتعالى فسيأتيك كثير منه في مواضعه.

وهذه أمور يجب استحضارها:

الأمر الأول: أن هذا المعنى كان بيِّنًا في الجملة عند العرب الذين خوطبوا بالقرآن، إلا أنَّ هناك دقائقَ قد كان يخفى على كثير منهم أنها عبادة وتأليه.

فمن ذلك: الخضوع بالطاعة. فقد روى ابن جرير وغيره (٢) عن عدي بن حاتم أنه لما سمع قول الله تعالى في أهل الكتاب: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣١]، قال عدي: قلت: يا رسول الله إنا لسنا نعبدهم. فقال: "أليس يُحرِّمون ما أحلَّ الله فتحرِّمونه، ويُحِلُّون ما حرَّم الله فتُحِلُّونه؟ " قال: قلت: بلى. قال: "فتلك عبادتهم".

وقد ذكرتُ هذا الحديث والكلام عليه وشواهده من كلام الصحابة


(١) رسالة "العبادة" (ص ٧٣١ وما بعدها).
(٢) "تفسير الطبري" (١٤/ ٢١٠). وأخرجه الترمذي (٣٠٩٥) وقال: "حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث". وحسَّنه الألباني.