للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحوال التي نعرفها]

حاجة الطبقة الوسطى إلى القرض، وأعني بالطبقة الوسطى كل من له مورِدٌ لا يفضُلُ عن كفايته.

قد يكون للرجل مرتَّبٌ شهري يقوم بكفايته، ولكنه أراد التزوج أو السفر أو نحو ذلك مما لا غنى به عنه، فاحتاج إلى استقراض ما يكفيه لذلك، على أن يقضيه بعد ذلك مما يقتصده من مرتَّبه. وقد يكون للرجل حرفة، ولكنه ليس عنده رأس مالٍ، فاحتاج إلى استقراض ما يجعله رأسَ مالٍ ليحترف ويكتسب ويقضي. أو له حرفة تُدِرُّ عليه ما يكفيه، ولكنه أراد التزوج أو نحوه، فاحتاج إلى اقتراض ما يكفي لذلك على أن يقضيه بعد ذلك مما يقتصده من كسبه.

فهؤلاء يحتاجون إلى أخذ القرض، ولا يجدون من يُقرِضهم إلّا بربًا، أفلا يجوز لهم الأخذ بالربا؟

الجواب أنني قد سَبَرْتُ كثيرًا من أحوالِ هؤلاء، فوجدتُ أكثرهم يبذِّرون في ما يَرِد لهم من المال، ثم يستقرضون ويبذِّرون فيما يأخذونه قرضًا، ثم يماطلون في القضاء.

فالمصلحة في حق هؤلاء أن لا يرخَّصَ لهم في القرض أصلًا، لا بربًا ولا بدون ربًا، ليضطرَّهم ذلك إلى إصلاح أنفسهم. [ق ٣٦] والترخيص في القرض بربًا هو الذي أفسدَ هؤلاء، فإن المسلم التقي يمتنع عن إقراضهم لما يعلمه من تبذيرهم، ولاستحيائه عن التوثق برهنٍ أو ضامنٍ، ولخوفه أن يحتاج في التقاضي إلى المخاصمة والمحاكمة.