للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبهة الثامنة:

أن يقال: قد نقل الشيخان في "الروضة" وأصلِها صحةَ إذن المرأة لوليّها أن يزوِّجها إذا انقضت عدتها أو طلقت، وأقرَّاه، وأفتى به الشهاب [ص ١٩] الرملي كما ذكره ولده في "النهاية"، وإذا صحّ ذلك فلْيصحَّ توكيله الوليَّ وهي مزوّجة أو معتدّة، ثم تقاس عليه مسألتنا.

الجوابُ: يُعلَم ممّا تقدم في جواب الشبهة السابعة، ومع ذلك فبين المسألتين فرقٌ، وهو أنّ لولاية الوليّ أصلاً شرعيًّا، وإنّما يحتاج إلى الإذن تكميلاً للولاية. وأمّا الوكيل فإنّه إنّما يستفيد الحقَّ من الوكالة، فلا غروَ أن يُكتفَى في الأول بما لا يُكتفَى به في الثاني.

وفي "النهاية" (١) عن والده الشهاب الرملي ما لفظه: "والفرق بينهما أن تزويج الولي بالولاية الشرعية، وتزويج الوكيل بالولاية الجعلية، وظاهرٌ أنّ الأولى أقوى، فيُكتفى فيها بما لا يُكتفى به في الثانية، وأن باب الإذن أوسع من باب الوكالة".

وقال ابن حجر في النكاح من "التحفة" (٢): "وعليه فالفرق بينها وبين وليّها أنّ إذنها جعليٌّ وإذنه شرعي، أي: استفاده من جهة جعل الشرع له ــ بعد إذنها ــ وليًّا شرعيًّا، والجعلي أقوى من الشرعي كما مرّ في الرهن".

أقول: ومع هذا فالحق ما جزم به في "التحفة" في باب الوكالة من


(١) "نهاية المحتاج" (٥/ ٢١).
(٢) "تحفة المحتاج" (٧/ ٢٦٥).